الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارٗاۖ قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓاْ إِنِّيٓ ءَانَسۡتُ نَارٗا لَّعَلِّيٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ} (29)

{ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ } أي أتمه وفرغ منه .

أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال : أخبرنا مكي بن عبدان عن عبد الرحمن ، قال : حدّثنا عبد الرحمن بن بشر ، قال : حدّثنا موسى بن عبد العزيز ، قال : حدّثنا الحكم بن أبان ، قال : حدّثني عكرمة ، قال : قال ابن عباس : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أبعدهما وأطيبهما " .

وأخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني ، قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ، قال : حدّثنا محمد بن عبد الجبار الهمذاني ، قال : حدّثنا يحيى بن بكير قال : حدّثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن زيد ، عن علي بن رباح ، عن عتبة بن التيب وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسكن الشام ، ومات في زمن عبد الملك قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أبرهما وأوفاهما " .

وروى محمد بن إسحاق ، عن حكم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي يهودي بالكوفة وأنا أتجهز للحج : إنّي أراك رجلا تتبع العلم ، أخبرني أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا أعلم ، وأنا الآن قادم على حبر العرب يعني ابن عباس فسأسأله عن ذلك ، فلمّا قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك ، فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما ، إنّ النبي إذا وعد لم يخلف ، قال سعيد : فقدمت العراق ، فلقيت اليهودي فأخبرته ، فقال : صدق ، ما أنزل على موسى هذا والله العالم . وقال وهب : أنكحه الكبرى ، وقد روي أنّ النبي ( عليه السلام ) قال : " تزوج صغراهما وقضى أوفاهما " فإن صح هذا الخبر فلا معدل عنه .

وقال مجاهد : لما قضى موسى الأجل ومكث بعد ذلك عند صهره عشراً أخرى ، فأقام عنده عشرين سنة ، ثم إنّه استأذنه في العودة إلى مصر لزيارة والدته وأخيه ، فأذن له ، فسار بأهله وماله ، وكانت أيام الشتاء وأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام ، وامرأته في شهرها لا يدري أليلا تضع أم نهاراً ، فسار في البرية غير عارف بطرقها فألجأه المسير إلى جانب الطور الغربي الأيمن في ليلة مظلمة شديدة البرد ، وأخذ امرأته الطلق ، فقدح زنداً فلم تور ( المقدحة شيئاً ) ، فآنس من جانب الطور ناراً { قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُواْ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ } قطعة وشعلة { مِّنَ النَّارِ } وفيها ثلاث لغات : فتح الجيم وهي قراءة عاصم ، وضمها وهي قراءة حمزة ، وكسرها وهي قراءة الباقين ، وقال قتادة ومقاتل : الجذوة : العود الذي قد احترق بعضه ، وجمعها جُذيّ ، قال ابن مقبل : باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجُذي غير خوار ولا دعر { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي تستدفئون وتستحمّون بها من البرد