الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِـَٔايَٰتِنَا فَقُلۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡۖ كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ أَنَّهُۥ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوٓءَۢا بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُۥ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (54)

{ وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } اختلفوا فيما نزلت هذه الآية . فقال عكرمة : نزلت في الذين نهى اللّه عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن طردهم " وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآهم بدأهم بالسلام وقال : " الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام " .

وقال الكلبي : لما نزلت هذه الآية { وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } جاء عمر ( رضي الله عنه ) للنبي صلى الله عليه وسلم فاعتذر إليه من مقالته واستغفر اللّه تعالى منها ، وقال : يا رسول اللّه ما أردت بهذا إلاّ الخير فنزل في عمر ( رضي الله عنه ) { وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } الآية

. وقال عطاء : نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبلال وسالم وأبي عبيدة وصهيب بن عمير وعمر وجعفر وعثمان بن مظعون وعمار بن ياسر ، والأرقم بن الأرقم وأبي سلمة بن الأسد رضي اللّه عنهم أجمعين .

وقال أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) عنه : " أتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا : إنا أصبنا ذنوباً كثيرة عظيمة فسكت عنهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأنزل اللّه على الرجال الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ } " قال مجاهد : لا يعلم حلالاً من حرام ومن جهالته ركب الأمر وكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل ، وقيل : جاهل بما يورثه ذلك الذنب ، يقال : جهل حين آثر المعصية على الطاعة { ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ } فرجع عن دينه { وَأَصْلَحَ } عمله ، وقيل : أخلص توبته { فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } واختلف القراء في قوله تعالى { أَنَّهُ } [ الكوفيون ] بفتح الألف منهما جميعاً . ابن كثير والأعمش وابن عمر وحمزة والكسائي على الإستئناف ، ونصبها الحسن وعاصم ويعقوب بدلاً من رحمة ، وفتح أهل المدينة الأولى على معنى وكتب إنّه وكسروا الثانية على الاستئناف لأن ما بعدها لا يخبر أبداً