{ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } ظهره وقرأ الحسن ساكنة { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ } أي متعطّفاً مستطرداً لقتال عدوّه بطلب عورة له تمكنه إصابتها فيكرّ عليه .
{ أَوْ مُتَحَيِّزاً } منضمّاً صابراً { إِلَى فِئَةٍ } جماعة من المؤمنين يفيئون به بسهم الى القتال { فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } واختلف العلماء في حكم قوله { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } الآية هل هو خاص في أهل بدر أم هو في المؤمنين جميعاً .
فقال أبو سعيد الخدري : إنّما كان ذلك يوم بدر خاصة لم يكن لهم أن ينحازوا ولو انحازوا إلى المشركين ، ولم يكن يومئذ في الأرض مسلم غيرهم ولا للمسلمين فيه غير النبيّ صلى الله عليه وسلم فأمّا بعد ذلك فإنّ المسلمين بعضهم فئة لبعض ممثّلة ، قاله الحسن والضحاك وقتادة .
قال يزيد ابن أبي حبيب : أوجب الله لمن فرّ يوم بدر النار .
فقال { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } الآية . فلمّا كان يوم أُحد بعد ذلك قال :
{ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ } [ آل عمران : 155 ] ثمّ كان يوم حنين بعد ذلك بسبع سنين . فقال :
{ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } [ التوبة : 25 ]
{ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذلِكَ عَلَى مَن يَشَآءُ } [ التوبة : 27 ] . وقال عطاء بن أبي رباح : هذه الآية منسوخة بقوله { الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ } [ الأنفال : 66 ] الآية فليس لقوم أن يفروا من مثليهم فنسخت تلك الآية إلاّ هذه العدّة .
وقال الكلبي : من قبل اليوم مقبلاً أو مدبراً فهو شهيد ولكن سبق المقبل المدبر الى الجنة .
وروي جرير عن منصور عن إبراهيم قال : انهزم رجل من القادسية فأتى المدينة الى عمر . فقال : يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف ، فقال عمر رضي الله عنه أنا فئتك .
وقال محمد بن سيرين : لمّا قُتل أبو عبيد جاء الخبر إلى عمر رضي الله عنه فقال لو أنحاز إليَّ فكنت له فئة [ فأنا فئة ] كل مسلم .
عبد الرحمن بن أبي ليلى " عن عبد الله بن عمر قال : كنّا في مُصيل بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاض الناس خيضة فانهزمنا وكنّا نفر ، قلنا نهرب في الأرض حياءً ممّا صنعنا فدخلنا البيوت . ثمّ قلنا : يا رسول الله نحن الفارون . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل أنتم الكرارون وإنّا فئة المسلمين " .
وقال بعضهم : بل حكمنا عام في كل من ولى عن العدو وفيهم مَنْ روى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أهله :
" [ إياك والفرار ] من الزحف فإن هلكوا فاثبتوا فما [ . . . . ] إلاّ على إرتكاب الكبائر وإلاّ الشرك بالله والفرار من الزحف لأن الله تعالى يقول { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } " الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.