السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (16)

{ ومن يولهم يومئذٍ } أي : يوم لقائهم { دبره } أي : يجعل ظهره إليهم منهزماً { إلا متحرفاً } أي : منعطفاً { لقتال } بأن يريهم أنه منهزم خداعاً ثم يكر عليهم وهو باب من مكايد الحرب { أو متحيزاً } منضماً وصائراً { إلى فئة } أي : جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها على القرب يستنجد بها .

ومنهم من لا يعتبر القرب لما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان في سرية بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرّوا إلى المدينة فقلت : يا رسول الله نحن الفرارون ، فقال : «بل أنتم العكارون » وفي رواية «الكرارون » أي : المتعاطفون إلى الحرب ، وأنا فئتكم .

وانهزم رجل من القادسية فأتى المدينة إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال : يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف ، فقال عمر : أنا فئتك { فقد باء } أي : رجع { بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } أي : المرجع هي ، وعن ابن عباس أنّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر هذا إذا لم يزد العدد على الضعف لقوله تعالى : { الآن خفف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً } ( الأنفال ، 66 ) وقيل : هذا في أهل بدر خاصة ؛ لأنه ما كان يجوز لهم الانهزام يوم بدر ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان معهم قاله مجاهد .