فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (16)

{ ومن يولهم يومئذ } أي يوم لقيتموهم { دبره إلا متحرفا لقتال } أي منعطفا ومائلا إليه ، والنصب على الحال أو الاستثناء من ضمير المؤمنين أي ومن يولهم إلا رجلا منهم متحرفا ، واللام للتعليل أي لأجل قتال أي لأجل التمكن منه ، والتحرف الزوال عن جهة الاستواء والمراد به هنا التحريف من جانب إلى جانب في المعركة طلبا لمكائد الحرب وخدعا للعدو ، كمن يوهم أنه منهزم ليتبعه العدو ، فيكر عليه ويتمكن منه ونحو ذلك من مكائد الحرب ، فإن الحرب خدعة .

{ أو متحيزا إلى فئة } أي منضما وصائرا إلى جماعة من المسلمين غير الجماعة المقابلة للعدو أي رجلا منهم متحرفا أو متحيزا ، ووزن متحيز متفيعل لا متفعل لأنه من حاز يحوز فبناء متفعل منه متحوز ، والتحيز والتحوز الانضمام وتحوزت الحية انطوت ، وحزت الشيء ضممته والحوزة ما يضم الأشياء .

{ فقد باء } أي من ينهزم ويفر من الزحف إلا في هاتين الحالتين فقد رجع { بغضب } كائن { من الله ومأواه جهنم } أي المكان الذي يأوي إليه هو النار ففراره أوقعه إلى ما هو أشد بلاء مما فر منه وأعظم عقوبة ، والمأوى ما يأوي إليه الإنسان { وبئس المصير } ما صار من عذاب النار .

وقد اشتملت هذه الآية على هذا الوعيد الشديد لمن يفر عن الزحف وفي ذلك دلالة على أنه من الكبائر الموبقة .