جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (16)

{ ومن يولهم يومئذ } : يوم القتال مطلقا ، أو يوم قتال البدر خاصة { دبره } : فانهزم { إلا متحرفا لقتال } : يفر مكيدة ، ليرى أنه خاف ، فيتبعه العدو فيكر عليه ويقتله { أو متحيزا إلى فئة } فر من هاهنا إلى فئة أخرى من المسلمين يعاونونه ، حتى لو كان في سرية ففر إلى أميره أو إمامه الأعظم لجاز ، ونصب متحرفا ومتحيزا على الحال ، أو استثناء من المولين أي : إلا رجلا متحرفا { فقد باء } : رجع { بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير } : جهنم ، أكثر السلف على أن هذا في يوم البدر خاصة{[1822]} ، ولهذا قال{[1823]} رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فيه : " اللهم إن تهلك هذه العصابة ، فلن تعبد في الأرض أبدا " ، وأما في سائر الحروب فجاز الفرار إذا كان الكفار أكثر من مثيلهم{[1824]} وعن بعض الفرار مطلقا حرام وكبيرة إلا عن هذين السببين{[1825]} ، وعن بعض هذا خاصة الصحابة .


[1822]:فيه إشكال، فإن الآية نزولها إن كانت قبل وقعة بدر لها فائدة لكن ما قبل الآية وما بعدها صريح في أن نزولها بعد وقعته، إلا أن يقال: مضمونها وحكمها قبل كما في "فثبتوا الذين آمنوا سألقي" لكن لفظها للامتنان بعد بأمل فإنك لا ترى مفسرا حام حول تحقيقها/12 وجيز.
[1823]:تقديم تخريجه.
[1824]:كما قال تعالى: "علم أن فيكم ضعفا" الآية/12 وجيز.
[1825]:وفي الصحيحين وغيرهما أحاديث دالة على أن الفرار مطلقا من الكبائر/12 منه، وهذه الآية على دالة على أن تلك الكبيرة سبب لخلود جهنم فإن تلك العبارة لا يحتمل إلا بالخلود كما في صورة قتل المتعمد بغير حق، وصورة الحيف في الإرث/12 وجيز.