غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (16)

11

وفي قوله { من يولهم يومئذ دبره } أمارة عليه ، ثم بين أن الانهزام محرم إلا في حالتين فقال { إلا متحرفاً لقتال } هو المكر بعد الفرّ يخيل إلى عدوّه أنه منهزم ثم يعطف عليه وهو نوع من خدع الحرب { أو متحيزاً } أي منحازاً { إلى فئة } إلى جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها . وعلى هذا انتصب { متحرفاً } و{ متحيزاً } على أنه استثناء مفرغ من أعم الأحوال ووجد صحته من أنه ليس في الكلام نفي ظاهر هو أنه في معنى النفي كأنه قيل : ومن لا يقدم أو لا يعطف عليهم في حال من الأحوال إلا في حال التحرف أن التحيز ، ويجوز أن يكون الاستثناء تاماً على أن الموصوف محذوف والتقدير : ومن يولهم دبره إلا رجلاً منهم متحرفاً أو متحيزاً . ووزن متحيزاً «متفيعل » لأنه من حاز يحوز فعل به ما فعل بأيام ، لو كان «متفعلاً » لقيل «متحوزاً » . عن ابن عمر : خرجت سرية وأنا فيهم ففروا ، فلما رجعوا إلى المدينة استحيوا فدخلوا البيوت فقلت : يا رسول الله نحن الفرارون فقال : بل أنتم العكارون وأنا فئتكم . والعكرة البكرة . وعن ابن عباس أن الفرار من الزحف في غير هاتين الصورتين من أكبر الكبائر . واحتج القاضي بالآية على القطع بوعيد الفساق من أهل الصلاة . وأجيب بأنه مشروط بعدم العفو . وعن أبي سعيد الخدري والحسن وقتادة والضحاك أن هذا الحكم مختص بيوم بدر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حاضراً بنفسه ، لأنه تعالى وعدهم النصرة ، ولأنه كان أول جهاده فناسب التشديد ولهذا منع من أخذ الفداء . وأكثر المفسرين على أنه عام في جميع الحروب لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

/خ19