الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (16)

وقوله : { وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } [ الأنفال : 16 ] .

قال جمهور الأمة : الإشارة ب { يَوْمَئِذٍ } إلى يوم اللقاء الذي يتضمنه قوله : { إِذَا لَقِيتُمُ } وحكم الآية باقٍ إِلى يوم القيامة ، بشرط الضعف الذي بَيَّنَهُ اللَّه سبحانه .

( ت ) : قال ابن رشد : وهذا ما لم يبلغ عَدَدُ المسلمين اثني عشر أَلْفاً ، فإِن بلغ حرم الفِرَارُ ، وإن زاد المشركون على الضعف ( لن تغلب اثنا عشر ألفاً من قِلَّةٍ » ، فإن أكثر أهل العِلْمِ خَصَّصُوا بهذا الحديث عُمُومَ الآية ، وعن مالك مثله ) . انتهى .

وفهم ( ع ) : الحديث على التَّعَجُّبِ ، ذكره عند قوله : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ } التوبة : 25 ] ، وما قاله ابنُ رشْدٍ هو الصواب . واللَّه أعلم .

و{ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ } يراد به الذي يَرَى أن فعله ذلك أنْكَى للعدو ، ونصبه على الحال ، وكذلك نصب { مُتَحَيِّزاً } ، وأما الاسْتِثْنَاءُ ، فهو من المولين الذين تضمنهم «من » .

والفِئَةُ هنا الجَمَاعَةُ الحاضرة لِلْحَرْبِ ، هذا قول الجمهور .