الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (111)

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } قال محمد بن كعب القرظي : " لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نفساً . قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت . فقال : " اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، واشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم أموالكم " ، قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا ؟ قال : " الجنة " .

وقال الأعمش : الجنة وهي قراءة عمر بن الخطاب ( رضي الله عليه ) { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } قال إبراهيم النخعي والأعمش وحمزة والكسائي وخلف بتقديم المفعول على الفاعل على معنى فيقتل بعضهم ويقتل الباقون ، وقرأ الباقون : بتقديم الفاعل على المفعول { وَعْداً } نصب على المصدر { عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ } ثم هنّأهم فقال عزّ من قائل : { فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } قال قتادة : ثامنهم وأغلى ثمنهم ، وقال الحسن : أسمعوا بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن ، والله ما على وجه الأرض مؤمن إلاّ دخل في هذه البيعة .

قال : " ومرّ أعرابي بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية قال : كلام من هذا ؟ قال : كلام الله . قال : بيع والله مربح لا نقيله ولا نستقيله فخرج إلى الغزو فاستشهد " .

أنشدنا أبو القاسم الحسن بن محمد الحبيبي . قال : أنشدنا أبو الحسن العقيلي . أنشدنا بشر بن موسى الأسدي . أنشدني الأصمعي عن جعفر الصادق ( رضي الله عنه ) .

أُثامن بالنفس النفيسة ربها *** فليس لها في الخلق كلهم ثمن

بها تشترى الجنات إن أنا بعتها *** بشيء سواها إن ذلكم غبن

إذا أذهبت نفسي بدنيا أصبتها *** فقد ذهب الدنيا وقد ذهب الثمن

وكان الصادق يقول : أيا من ليست له قيمة أنه ليس لأبدانكم إلاّ الجنة فلا تبيعوها إلاّ بها .

وأنشدنا أبو القاسم الحبيبي . أنشدنا القاضي أبو الربيع محمد بن علي . أنشدنا أبو علي الحسن بن عاصم الكوفي :

من يشتري قبة في العدن عالية *** في ظل طوبى رفيعات مبانيها

دلالها المصطفى والله بايعها *** فمن أراد وجبريل يناديها