الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{ٱلتَّـٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّـٰٓئِحُونَ ٱلرَّـٰكِعُونَ ٱلسَّـٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (112)

ثم وصفهم فقال { التَّائِبُونَ } أي هم التائبون ، وقرأ ابن مسعود التائبين العابدين بالنصب آخرها ، قال المفسرون : تابوا من الشرك وبرأوا من النفاق { الْعَابِدُونَ } المطيعون الذي أخلصوا فيه الشهادة .

وقال الحسن وقتادة : هم قوم اتخذوا من أبدانهم في ليلهم ونهارهم فعبدوا الله على أحايينهم كلها في السراء والضراء { الْحَامِدُونَ } الله على كل حال في كل نعمة { السَّائِحُونَ } الصائمون .

الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " السائحون الصائمون " .

وروى شيبان بن عبد الرحمن عن الأشعث قال : سألت سعيد بن جبير عن السائحين فقال : هم الصائمون ألم تر أنّ الله عزّ وجلّ إذا ذكر الصائمين لم يذكر السائحين وإذا ذكر السائحين لم يذكر الصائمين .

قال سفيان بن عيينة : أما إنّ الصائم سائح لأنه تارك اللذات كلها من المطعم والمشرب والنكاح .

وقال الشاعر في الصوم :

تراه يصلي ليله ونهاره *** يظل كثير الذكر لله سائحاً

وقال الحسن : السائحون الذين صاموا عن الحلال وأمسكوا عن الحرام وههنا والله أقوام رأيناهم يصومون عن الحلال ولا يمسكون عن الحرام فالله ساخط عليهم ، وقال عطاء : السائحون الغزاة والمجاهدون ، وعن عمرو بن نافع . قال : سمعت عكرمة وسُئل عن قول الله تعالى : { السَّائِحُونَ } قال : هم طلبة العلم { الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ } يعني المصلين { الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ } قال بسام بن عبد الله : المعروف السنّة والمنكر البدعة .

{ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ } قال ابن عباس : القائمون على طاعة الله ، وقال الحسن : أهل الوفاء ببيعة الله { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ *