وقوله : أرَأيْتَكَ هَذَا الّذِي كَرّمْتَ عَليّ يقول تعالى ذكره : أرأيت هذا الذي كرّمته عليّ ، فأمرتني بالسجود له ، ويعني بذلك آدم لئِنْ أخرتّنِ أقسم عدوّ الله ، فقال لربه : لئن أخرت إهلاكي إلى يوم القيامة لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قَلِيلاً يقول : لأستولينّ عليهم ، ولأستأصلنهم ، ولأستميلنهم . يقال منه : احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم أو غير ذلك ، ومنه قول الشاعر :
نَشْكُو إلَيْكَ سَنَةً قَدْ أجْحَفَتْ *** جَهْدا إلى جَهْدٍ بنا فأضْعَفَتْ
*** واحْتَنَكَتْ أمْوَالَنا وجَلّفَتْ ***
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تبارك وتعالى لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قَلِيلاً قال : لأحتوينهم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ . عن ابن عباس ، قوله لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قَلِيلاً يقول : لأستولينّ .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله لأَحْتَنِكَنّ ذُرّيّتَهُ إلاّ قليلاً قال : لأضلنهم . وهذه الألفاظ وإن اختلفت فإنها متقاربات المعنى ، لأن الاستيلاء والاحتواء بمعنى واحد ، وإذا استولى عليهم فقد أضلهم .
{ قال أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ } الكاف لتأكيد الخطاب لا محل له من الإعراب ، وهذا مفعول أول والذي صفته والمفعول الثاني محذوف لدلالة صلته عليه ، والمعنى اخبرني عن هذا الذي كرمته علي بأمري بالسجود له لم كرمته علي . { لئن أخّرتني إلى يوم القيامة } كلام مبتدأ واللام موطئة للقسم وجوابه : { لأحتنكنّ ذريته إلا قليلا } أي لأستأصلنهم بالإغواء إلا قليلا لا اقدر أن أقاوم شكيمتهم ، من أحتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلاً ، مأخوذ من الحنك وإنما علم أن ذلك يتسهل له إما استنباطا من قول الملائكة { أتجعل فيها من يفسد فيها } مع التقرير ، أو تفرسا من خلقه ذا وهم وشهوة وغضب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.