غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا} (62)

61

{ قال أرأيتك } أي أخبرني عن { هذا الذي كرمته } أي فضلته { عليّ } لم كرمته وأنا خير منه ؟ فاختصر الكلام لكونه معلوماً . ويمكن أن يقال : هذا مبتدأ والاستفهام فيه مقدر معناه أخبرني أهذا الذي كرمته عليّ ؟ والإشارة هنا تفيد الاستحقار . وقيل : إن هذا مفعول : { أرأيت } لأن الكاف لمجرد الخطاب كأنه قال على وجه التعجب والإنكار : أبصرت أو علمت هذا بمعنى لو أبصرته أو علمته لكان يجب أن لا يكرّم عليّ . ثم ابتدأ فقال { لئن أخرتني } واللوم موطئة للقسم المحذوف وجوابه { لأحتنكن ذرّيته } لأستأصلنهم بالإغواء من احتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلاً من الحنك .

ومنه ما ذكر سيبويه " أحنك الشاتين " أي آكلهما . وقال أبو مسلم : هو افتعال من الحنك يقال منه حنك الدابة يحنكها إذا جعل في حنكها الأسفل حبلاً يقودها به كأنه يملكهم كما يملك الفارس فرسه بلجامه . وإنما ظن إبليس بهم ذلك لأنه سمع قول الملائكة في حقهم { تجعل فيها من يفسد فيها } [ البقرة : 30 ] أو نظر إليه فتوسم أنه خلق شهواني إلى غير ذلك من قواه السبعية والوهمية والبهيمية . أو قاس ذرية آدم عليه حين عمل وسوسته فيه . وضعفه جار الله بأن الظاهر أنه قال ذلك قبل أكل آدم من الشجرة .

/خ72