تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمۡتَ عَلَيَّ لَئِنۡ أَخَّرۡتَنِ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَأَحۡتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٗا} (62)

الآية 62 : وقوله تعالى : { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي }قد أقر إبليس . لعنه الله . بالفضيلة لآدم والإكرام له : إما من الطاعة والنبوة التي أعطاها الله ، وإن ادعى لنفسه الفضيلة عليه من جهة الخلقة بأنه ناري ، وهو طيني ، حين{[11034]} { قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي } قد أقر إبليس . لعنه الله . بالفضل عليه والإكرام إما لطاعتهم له ، أو لما جعله رسولا إلى خلقه .

وقوله تعالى : { لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا } ( لا يحتمل أن يخاطب ربه ، ويقول :

{ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا } ){[11035]} لأنه لما يطلب التأخير والبقاء إلى يوم القيامة طالب نعمة منه ومنة ، فيقول مقابل ما يطلب من النعمة : لئن أعطيتني ذلك لأعطينك ، إنما يذكر مقابل طلب النعمة الطاعة له والشكر على ما قال : { ومنهم من عهد الله لئن آتانا من فضله لتصدقن }( التوبة : 75 )إنما يقابل بطلب النعمة الطاعة له . وأما مقابلة المعصية فلا تعرف .

ثم يخرج قوله : { لئن أخرتن إلى يوم القيامة } على وجهين .

أحدهما : على التأكيد : يقول : أي إنك { لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا }

( والثاني ){[11036]} على التمني منه الأمرين جميعا : التأخير واحتناك ذريته وسؤاله إياهما .

ثم اختلف في قوله : { لأحتنكن ذريته } : قال بعضهم : لأحتوينهم ، ولأحيطن بهم ، وقال بعضهم{[11037]} لأضلنهم على ما ذكر في آية أخرى : { ولأضلنهم ولأمنينهم }( النساء : 119 ) وقال بعضهم : { لأحتنكن } لأسْتَنْزَلَنَّ وقيل : لأسْتَوليَنَّ .

وقال القتبي{ لأحتنكن } أي لأستأصلنَّهم ، ويقال : هو من حنك الدابة ، حنك دابته ، يحنكها حنكا ، إذا شد في حنكها الأسفل حبلا ، يقودها به . وقال القتبي : أي لأقودَنَّهُمْ كيف شِئْتُ .

ثم قوله : { لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته }كأنه سأل ربه التأخير على ما ذكر في آية أخرى حين{[11038]} { قال أنظرني إلى يوم يبعثون }( الأعراف : 14و . . ) كأن اللعين لما سمع قوله : { وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين }( الحجر : 35 ) إنه لا يناله الرحمة في الإيمان به حين{[11039]} ذكر اللعنة عليه إلى يوم الدين . واللعينُ هو المطرود عن رحمته . فعند ذلك سأل ربه النظرة إلى يوم الدين ليُغْوِيَنَّ َعباده ، وقد علم اللعين أن طاعة خلقه له ، لا تزيد في ملكه شيئا ، وعصيانهم ، لا ينقص في ملكه شيئا . لذلك قال : { لأحتنكن ذريته }( وقال ){[11040]}

{ ولأغوينهم أجمعين }( الحجر : 39 ) ( وقال : ){[11041]}{ ولأضلنهم }( النساء : 119 )ما ذكر .


[11034]:في الأصل و.م : حيث.
[11035]:من م، ساقطة من الأصل.
[11036]:في الأصل و.م: أو.
[11037]:من م، في الأصل: بعض.
[11038]:في الأصل و.م : حيث.
[11039]:في الأصل و.م : حيث.
[11040]:ساقطة من الأصل و.م.
[11041]:ساقطة من الأصل و.م.