وبين قوله { أرأيتك } وقال آسجد جمل قد ذكرت حيث طولت قصته ، والكاف في { أرأيتك } للخطاب وتقدّم الكلام عليها في سورة الأنعام ولا يلحق كاف الخطاب هذه إلاّ إذا كانت بمعنى أخبرني ، وبهذا المعنى قدرها الحوفي وتبعة الزمخشري وهو قول سيبويه فيها والزجّاج .
قال الحوفي : و { أرأيتك } بمعنى عرفني وأخبرني ، وهذا منصوب بأرأيتك ، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ لم كرّمته عليّ وقد خلقتني من نار وخلقته من طين ، وحذف هذا لما في الكلام من الدليل عليه .
وقال الزمخشري : الكاف للخطاب و { هذا } مفعول به ، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ أي فضلته لم كرمته عليّ وأنا خير منه ، فاختصر الكلام بحذف ذلك ثم ابتدأ فقال : { لئن أخرتن } .
وقال ابن عطية : والكاف في { أرأيتك } حرف خطاب ومبالغة في التنبيه لا موضع لها من الإعراب فهي زائدة ، ومعنى أرأيت أتأملت ونحوه كان المخاطب بها ينبه المخاطب ليستجمع لما ينصه عليه بعد .
وقال سيبويه : هي بمعنى أخبرني ومثل بقوله { أرأيتك } زيداً أيؤمن هو .
وقاله الزجاج ولم يمثل ، وقول سيبويه صحيح حيث يكون بعدها استفهام كمثاله ، وأما في هذه الآية فهي كما قلت وليست التي ذكر سيبويه رحمه الله انتهى .
وما ذهب إليه الحوفي والزمخشري في { أرأيتك } هنا هو الصحيح ، ولذلك قدر الاستفهام وهو لم كرمته عليّ فقد انعقد من قوله { هذا الذي كرّمت عليّ } لم كرمته عليّ جملة من مبتدأ وخبر ، وصار مثل : زيد أيؤمن هو دخلت عليه { أرأيتك } فعملت في الأول ، والجملة الاستفهامية في موضع الثاني والمستقر في أرأيت بمعنى أخبرني أن تدخل على جملة ابتدائية يكون الخبر استفهاماً ، فإن صرح به فذلك واضح وإلاّ قدر .
وقد أشبعنا الكلام في الأنعام وفي شرح التسهيل .
وقال الفراء : هنا للكاف محمل من الإعراب وهو النصب أي أرأيت نفسك قال : وهذا كما تقول أتدبرت آخر أمرك .
فإني صانع فيه كذا ، ثم ابتدأ { هذا الذي كرمت عليّ } انتهى .
والرد عليه مذكور في علم النحو ، ولو ذهب ذاهب إلى أن هذا مفعول أول لقوله : { أرأيتك } بمعنى أخبرني والثاني الجملة القسمية بعده لانعقادهما مبتدأ وخبراً قبل دخول { أرأيتك } لذهب مذهباً حسناً ، إذ لا يكون في الكلام إضمار ، وتلخص من هذا كله الكاف إما في موضع نصب وهذا مبتدأ ، وإما حرف خطاب وهذا مفعول بأرأيت بمعنى محذوف ، وهو الجملة الاستفهامية أو مذكور وهو الجملة القسمية ، ومعنى { لئن أخرتن } أي أخرت مماتي وأبقيتني حياً .
وقال ابن عباس : { لأحتنكنّ } لأستولين عليهم وقاله الفراء .
وقال الطبري : لأستأصلن وكفر إبليس بجهله صفة العدل من الله حين لحقته الأنفة والكبر ، وظهر ذلك في قوله { أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ } إذ نص على أنه لا ينبغي أن يكرم بالسجود مني من أنا خير منه ، وأقسم إبليس على أنه يحتنك ذرية آدم وعلم ذلك إما بسماعه من الملائكة ، وقد أخبرهم الله به أو استدل على ذلك بقولهم :
{ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } أو نظر إليه فتوسم في مخايله أنه ذو شهوة وعوارض كالغضب ونحوه ، ورأى خلقته مجوفة مختلفة الأجزاء ، وقال الحسن : ظن ذلك لأنه وسوس إلى آدم فلم يجد له عزما فظن ذلك بذريته وهذا ليس بظاهر لأن قول ذلك كان قبل وسوسته لآدم في أكل الشجرة ، واستثنى القليل لأنه علم أنه يكون في ذرية آدم من لا يتسلط عليه كما قال { لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.