التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله - سبحانه - : { هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق . . } تقرير وتأكيد للآية السابقة . ولفظ هنالك ظرف مكان .

وكلمة { الولاية } قرأها الجمهور بفتح الواو ، بمعنى الموالاة والصلة والنصرة كما قرأ الجمهور كلمة { الحق } بالجر على أنها نعت للفظ الجلالة .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية - أى الموالاة والصلة - من كل الناس ، لله - تعالى - وحده إذ الكافر عندما يرى العذاب يعترف بوحدانية الله - تعالى - كما قال - سبحانه - { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } ويجوز أن يكون المعنى : فى ذلك المقام وتلك الحال تكون الولاية أى الموالاة لله - تعالى - وحده . فيوالى المؤمنين برحمته ومغفرته وينصرهم على أعدائهم . كما قال - سبحانه - { ذَلِكَ بِأَنَّ الله مَوْلَى الذين آمَنُواْ وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ } وقرأ حمزة والكسائى : { الولاية } بكسر الواو ، بمعنى الملك والسلطان كما قرأ أبو عمرو والكسائى لفظ { الحق } بالرفع على أنه نعت للولاية .

فيكون المعنى : فى ذلك المقام تكون الولاية الحق ، والسلطان الحق ، لله رب العالمين ، كما قال - سبحانه - : { الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن وَكَانَ يَوْماً عَلَى الكافرين عَسِيراً } قال بعض العلماء : وقوله { هنالك } يرى بعضهم أنه متعلق بما بعده ، والوقف تام على قوله { وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً } .

ويرى آخرون أنه متعلق بما قبله .

فعلى القول الأول يكون الظرف { هنالك } عامله ما بعده أى : الولاية كائنة لله هنالك .

وعلى القول الثانى فالعامل فى الظرف اسم الفاعل الذى هو { منتصرا } . أى : لم يكن انتصاره واقعا هنالك .

وقوله - سبحانه - : { وَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً } أى : هو - عز وجل - خير إثابة وإعطاء لأوليائه ، وخير عاقبة لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى .

وعاقبة الأمر : آخره وما يصير إليه منتهاه . و { ثوابا } و { عقبا } منصوبان على التمييز ، بعد صيغة التفضيل { خير } التى حذفت منها الهمزة تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال ابن مالك - رحمه الله - :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

{ هُنالك } في ذلك المقام وتلك الحال . { الوَلاية لله الحق } النصرة له وحده لا يقدر عليها غير تقديرا لقوله { ولم تكن له فئة ينصرونه } أو نصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة كما نصر فيما فعل بالكافر أخاه المؤمن ويعضده قوله : { هو خير ثوابا وخير عُقباً } أي لأوليائه . وقرأ حمزة والكسائي بالكسر ومعناه السلطان والملك أي هناك السلطان له لا يغلب ولا يمنع منه ، أو لا يعبد غيره كقوله تعالى { فإذا ركبوا الفلك دعوا الله مخلصين له الدين } فيكون تنبيها على أن قوله { يا ليتني لم أشرك } كان عن اضطرار وجزع مما دهاه وقيل { هنالك } إشارة إلى الآخرة وقرأ أبو عمرو والكسائي { الحق } بالرفع صفة للولاية ، وقرئ بالنصب على المصر المؤكد ، وقرأ عاصم وحمزة " عُقباً " بالسكون ، وقرئ " عَقْبَى " وكلها بمعنى العاقبة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُنَالِكَ ٱلۡوَلَٰيَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَيۡرٞ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ عُقۡبٗا} (44)

وقوله { هنالك } يحتمل أن يكون ظرفاً لقوله { منتصراً } ويحتمل أن تكون { الولاية } مبتدأ ، و { هنالك } خبره ، وقرأ حمزة والكسائي والأعمش ويحيى بن وثاب «الوِلاية » بكسر الواو ، وهي بمعنى الرياسة والزعامة ونحوه ، وقرأ الباقون «الوَلاية » بفتح الواو وهي بمعنى الموالاة والصلة ونحوه ، ويحكى عن أبي عمرو والأصمعي أن كسر الواو هنا لحن ، لأن فعالة ، إنما تجيء فيما كان صنعة أو معنى متقلداً ، وليس هنا تولي أمر الموالاة ، وقرأ أبو عمرو والكسائي «الحق » بالرفع على جهة النعت ل { الولاية } ، وقرأ الباقون «الحقِّ » بالخفض على النعت { لله } عز وجل ، وقرأ أبو حيوة «لله الحقَّ » بالنصب وقرأ الجمهور «عُقُباً » بضم العين والقاف وقرأ عاصم وحمزة والحسن «عُقْباً » بضم العين وسكون القاف وتنوين الباء ، وقرأ عاصم أيضاً «عقبى » بياء التأنيث{[7812]} ، والعُقُب والعُقْب بمعنى العاقبة .


[7812]:هذه من رواية أبي بكر عن عاصم، أما القراءة السابقة عن عاصم بضم العين وسكون القاف فهي من رواية حفص عنه.