التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

ثم بين - سبحانه - أحوالهم عندما يُدْعَوْن فى هذا اليوم الهائل الشديد فقال : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ . . . } .

والظرف { يوم } منصوب بفعل مضمر أى : اذكروا يوم يدعوكم . . ويجوز أن يكون منصوبا على البدلية من { قريبا } .

والداعى لهم هو " إسرافيل " - عليه السلام - عندما يأذن الله - تعالى - له بالنفخ فى الصور ، كما قال - تعالى - : { وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَآءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } وكما قال - سبحانه - : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الداع إلى شَيْءٍ نُّكُرٍ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع يَقُولُ الكافرون هذا يَوْمٌ عَسِرٌ } وقوله { بحمده } حال من ضمير المخاطبين وهم الكفار ، والباء للملابسة .

أى : اذكروا - أيها المكذبون - يوم يدعوكم الداعى إلى البعث والنشور فتلبون نداءه بسرعة وانقياد ، حال كونكم حامدين الله - تعالى - على كمال قدرته ، وناسين ما كنتم تزعمون فى الدنيا من أنه لا بعث ولا حساب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِيبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا} (52)

وقوله [ تعالى ]{[17595]} : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } أي : الرب تعالى { إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ } [ الروم : 25 ] أي : إذا أمركم بالخروج منها فإنه لا يُخالَف ولا يُمَانع ، بل كما قال [ تعالى ]{[17596]} { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] وقال { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ . فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } [ النازعات : 13 ، 14 ] أي : إنما هو أمر واحد بانتهار ، فإذا الناس قد خرجوا من باطن الأرض إلى ظاهرها{[17597]} كما قال : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي : تقومون{[17598]} كلكم إجابة لأمره وطاعة لإرادته .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي : بأمره . وكذا قال ابن جريج .

وقال قتادة : بمعرفته وطاعته .

وقال بعضهم : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي : وله الحمد في كل حال ، وقد جاء في الحديث : " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في قبورهم ، وكأني{[17599]} بأهل " لا إله إلا الله " يقومون من قبورهم ينفضون التراب عن رءوسهم ، يقولون : لا إله إلا الله " . وفي رواية يقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } [ فاطر : 34 ] وسيأتي في سورة فاطر [ إن شاء الله تعالى ]{[17600]} .

وقوله : { وَتَظُنُّونَ } أي : يوم تقومون من قبوركم { إِنْ لَبِثْتُمْ } [ أي ]{[17601]} : في الدار الدنيا { إِلا قَلِيلا } ، وكما قال : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [ النازعات : 46 ] وقال تعالى : { يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا } [ طه : 102 - 104 ] ، وقال تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } [ الروم : 55 ] ، وقال تعالى : { قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ المؤمنون : 112 - 114 ] .


[17595]:زيادة من ت.
[17596]:زيادة من ت.
[17597]:في ت: "ظهرها".
[17598]:في ت، ف: "تقولون".
[17599]:في ت، ف: "فكأني".
[17600]:زيادة من ف، أ.
[17601]:زيادة من ف.