ثم ذكر - سبحانه - بعد ذلك مزية أخرى لهذه الليلة المباركة فقال : { تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } .
أى : ومن مزايا وفضائل هذه الليلة أيضا ، أن الملائكة - وعلى رأسهم الروح الأمين جبريل - ينزلون فيها أفواجا إلى الأرض ، بأمره - تعالى - وإذنه ، وهم جميعا إنما ينزلون من أجل أمر من الأمور التى يريد إبلاغها إلى عباده ، وأصل " تنزل " تتنزل ، فحذفت إحدى التاءين تخفيفا ، ونزول الملائكة إلى الأرض ، من أجل نشر البركات التى تحفهم ، فنزولهم فى تلك الليلة يدل على شرفها ، وعلى رحمة الله - تعالى - بعباده .
والروح : هو جبريل ، وذكره بخصوصه بعد ذكر الملائكة ، من باب ذكر الخاص بعد العام ، لمزيد الفضل ، واختصاصه بأمور لا يشاركه فيها غيره .
وقوله - سبحانه - { بِإِذْنِ رَبِّهِم } متعلق بقوله : { تنزل } ، والباء للسببية ، أى : يتنزلون بسبب إذن ربهم لهم فى النزول .
قال الجمل ما ملخصه : وقوله : { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } يجوز فى " من " وجهان : أحدهما أنها بمعنى اللام ، وتتعلق بتنزل ، تنزل من أجل كل أمر قضى إلى العام القابل .
والثانى : أنها بمعنى الباء ، أي : تنزل بكل أمر قضاه الله - تعالى - فيها من موت وحياة ورزق .
وليس المراد أن تقدير الله لا يحدث إلا فى تلك الليلة ؛ بل المراد إظهار تلك المقادير لملائكته .
و { الروح } هو جبريل ، وقيل : هم صنف حفظة الملائكة ، وقوله تعالى : { بإذن ربهم من كل أمر } اختلف الناس في معناه ، فمن قال : إن في هذه الليلة تقدر الأمور للملائكة قال : إن هذا التنزل لذلك ، و { من } لابتداء الغاية ، أي نزولهم من أجل هذه الأمور المقدرة وسببها ، ويحيء { سلام } خبراً بنداء مستأنفاً ، أي سلام هذه الليلة إلى أول يومها ، وهذا قول نافع المقرىء والفراء وأبي العالية ، وقال بعضهم { من } بمعنى الباء ، أي بكل أمر ، ومن لم يقل بقدر الأمور في تلك الليلة قال : معنى الآية { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم } بالرحمة والغفران والفواضل ، ثم جعل قوله : { من كل أمر } متعلقاً بقوله : { سلام هي } أي من كل مخوف ينبغي أن يسلم منه ، فهي سلام ، وقال مجاهد : لا يصيب أحداً فيها داء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.