وقوله تعالى : { ذلك مِنْ أَنبَاءِ الغيب نُوحِيهِ إِلَيْكَ . . . } [ آل عمران :44 ] .
هذه المخاطبةُ لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، والإِشارة بذلك إِلى ما تقدَّم ذكْرُهُ من القصصِ ، و( الأنباء ) : الأخبار ، و( الغَيْبُ ) : ما غَاب عن مدارك الإِنسان ، و( نُوحِيهِ ) معناه : نُلْقِيهِ في نَفْسِك في خفاءٍ ، وَحَدُّ الوَحْيِِ : إِلقاء المعنى في النَّفْس في خفاءٍ ، فمنه بالمَلَكِ ، ومنه بالإِلهام ، ومنه بالإِشارة ، ومنه بالكِتَابِ ، وفي هذه الآية بيانٌ لنبوَّة نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، إِذ جاءهم بغُيُوب لا يعلمها إِلا مَنْ شاهدها ، وهو لَمْ يَكُنْ لديهم ، أوْ مَنْ قرأها في كتبهم ، وهو صلى الله عليه وسلم أُمِّيٌّ من قومٍ أُمِّيِّينَ ، أوْ : من أعلمه اللَّه بها ، وهو ذاك صلى الله عليه وسلم ، و{ لَدَيْهِمْ } معناه : عندهم ومَعَهُمْ .
وقوله : { إِذْ يُلْقُون أقلامهم . . . } الآية ، جمهورُ العلماء على أنه استهام لأخذِها ، والمنافَسَةِ فيها ، فروي أنهم أَلْقَوْا أقلامَهُمُ الَّتي كانوا يَكْتُبُونَ بها التوراةَ في النَّهْرِ ، فروي أنَّ قَلَمَ زكريَّا صاعد الجرية ، ومضَتْ أقلام الآخَرِينَ ، وقيل غير هذا . قُلْتُ : ولفظ ابْنِ العَرَبِيِّ في " الأحكام " قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( فَجَرَتِ الأَقْلاَمُ ، وَعَلاَ قَلَمُ زَكَرِيَّا ) اه . وإِذا ثبت الحديثُ ، فلا نظر لأحدٍ معه .
و{ يَخْتَصِمُونَ } معناه : يتراجَعُونَ القَوْلَ الجهيرَ في أمْرها ، وفي هذه الآية استعمال القُرْعَةِ ، والقُرعَةُ سُنَّة ، وكان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، إِذَا سَافَرَ ، أقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الأَوَّلِ ، لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ ) . واختلف أيضاً ، هل الملائكةُ هنا عبارةٌ عن جِبْرِيلَ وحْده ، أوْ عن جماعةٍ من الملائكة ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.