الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ} (9)

و{ المَلأ الأعلى } أهلُ السَّمَاءِ الدنيا فما فوقها ، وسُمِّيَ الكُلُّ منهم أعلى ؛ بالإضَافَةِ إلى ملإ الأرْضِ الذي هو أسفلُ ، والضمير في { يَسَّمَّعُونَ } للشياطين ، وقرأ حمزة ، وعاصم في رواية حفص : { لا يَسَّمَّعُونَ } ، بشد السين والميم ، بمعنى : لا يَتَسَمَّعُونَ ، فينتفي على قراءة الجمهورِ سَمَاعُهُمْ ، وإن كانوا يستمعون ؛ وهو المعنى الصحيحُ ، ويعْضُدُه قولهُ تعالى : { إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ } [ الشعراء : 212 ] و{ يَقْذِفُونَ } معناه : يُرْجَمُونَ ، والدَّحُورُ : الإصْغار والإهانَةُ ، لأن الدَّحْرَ هو الدَّفْعُ بِعُنْفٍ ، وقال البخاريُّ : { وَيَقْذِفُونَ } يُرْمَوْنَ { دُحُوراً } مُطْرَدِين ، وقال ابن عباسٍ : «مدحوراً » مَطْرُوداً ، انتهى ، والوَاصِبُ : الدائم ؛ قاله مجاهد وغيره ، وقال أبو صالح : الواصبُ : المُوجِعُ ، ومنه الوَصَبُ ، والمعنى : هذه الحالُ هي الغالبةُ على جميع الشياطين إلا مَنْ شَذَّ فَخَطَفَ خَبَراً أو نَبَأً .