فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{دُحُورٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ وَاصِبٌ} (9)

{ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا } أي يرمون من كل جانب من جوانب السماء ونواحيها وجهاتها بالشهب إذا أرادوا الصعود لاستراق السمع ، والدحور الطرد ، تقول : دحرته دحرا ودحورا طردته ، قرئ يقذفون مبنيا للمفعول وللفاعل ، وهي غير مطابقة لما هو المراد من النظم القرآني ، وقيل : دحورا أي مدحورين ، وقيل : هو جمع داحر نحو قاعد وقعود فيكون حالا ، وقيل : إنه مصدر لمقدر أي يدحرون دحورا .

وقال الفراء : إن المعنى يقذفون بما يدحرهم أي بدحور ثم حذفت الباء فانتصب بنزع الخافض ، قرأ الجمهور دحورا بضم الدال ، وقرئ بفتحها ، واختلف هل كان هذا الرمي لهم بالشهب قبل المبعث أو بعده ، فقال بالأول طائفة وبالآخر آخرون ، وقالت طائفة بالجمع بين القولين إن الشياطين لم تكن ترمى قبل المبعث رميا يقطعها عن السمع ، ولكن كانت ترمى وقتا ولا ترمى وقتا آخر وترمى من جانب ولا ترمى من جانب آخر ثم بعد المبعث رميت في كل وقت ومن كل جانب حتى صارت لا تقدر على استماع شيء .

{ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } أي دائم لا ينقطع والمراد به العذاب في الآخرة غير العذاب الذي لهم في الدنيا من الرمي بالشهب ، وقال مقاتل : يعني دائما إلى النفحة الأولى ، والأول أولى .

وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الواصب الدائم وقال السدي وأبو صالح والكلبي هو الموجع الذي يصل وجعه إلى القلب ، مأخوذ من الوصب أو الوصوب وهو المرض ، وقيل هو الشديد .