الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (19)

قوله تعالى : { يا أهل الكتاب }[ المائدة :19 ]

يعني : اليهودَ والنصارى : { قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا } : محمد عليه السلام .

وقوله : { على فَتْرَةٍ مِّنَ الرسل } أي : على انقطاعٍ من مجيئهم مدَّةً مَّا ، والفَتْرةُ : سُكونٌ بعد حَرَكَةٍ في الأجرام ، ويستعار ذلك للمعانِي ، وقد قال عليه السلام : ( لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَةٌ ، ولِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةٌ ) ، وفي الصحيح أنَّ الفترةَ التي كانَتْ بَيْنَ نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، وبين عيسى سِتُّمائةِ سَنَةٍ ، وهذه الآية نزلَتْ بسبب قولِ اليهود : مَا أَنْزَلَ اللَّهُ على بَشَرٍ بَعد موسى مِنْ شَيْءٍ ، قاله ابن عَبَّاس .

وقوله : { أَن تَقُولُواْ } معناه : حِذَاراً ( أنْ تقولوا يوم القيامة : { مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } ، وقامتِ الحُجَّة عليكم ، { والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } ، فهو الهادِي ، والمضلُّ ، لا رَبَّ غيره .