الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّٗا فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَهُوَ يُطۡعِمُ وَلَا يُطۡعَمُۗ قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَسۡلَمَۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (14)

قوله تعالى : { قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السموات والأرض }[ الأنعام :14 ] .

قال الطبري ، وغيره : أُمِرَ عليه السلام أن يَقُولَ هذه المَقَالَةَ لِلْكَفَرَةِ الذين دعوه إلى عبادة أوثانهم ، فَتَجِيءُ الآية على هذا جَوَاباً لكلامهم .

قال ( ع ) : وهذا يَحْتَاجُ إلى سَنَدٍ ، والفصيح أنه لما قَرَّرَ معهم أن اللَّه تعالى له ما في السَّمَوَاتِ والأرض ، ( وله ما سَكَنَ في اللَّيْلِ والنهار ) ، أُمِرَ أن يقول لهم على جِهَةِ التَّوْبِيخِ ، والتوقيف : ( أغَيْرَ اللَّه ) الذي هذه أَفْعالُهُ ( اتخذ وليًّا ) ، بمعنى : أن هذا خَطَأٌ بَيِّنٌ ممن يفعله .

والولي : لفظ عام لمَعْبُودٍ وغير ذلك ، ثم أخذ في صفات اللَّه تعالى فقال : { فَاطِر } بخَفْضِ الراء ، نَعْتٌ للَّه عز وجل .

قال ( ص ) : { فَاطِر } الجمهور بالجَرِّ ، وَوَجَّهَهُ ابن عَطِيَّةَ ، وغيره على أنه نَعْتٌ { لِلَّهِ } .

وأبو البقاء على أنه بَدَلٌ ، وكأنه رأى الفَصْلَ بين البَدَلِ والمبدل أَسْهَلَ ، لأن البَدَلَ في المشهور على نِيَّةِ تَكْرَارِ العامل ، انتهى .

و( فطر ) معناه : ابتدع ، وخلق ، وأنشأ ، وفطر أيضاً في اللُّغَةِ : شَقَّ ، ومنه { هَلْ ترى مِن فُطُورٍ } [ الملك : 3 ] أي : من شُقُوقِ .

و{ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ } المقصود به : يَرْزُقُ ولا يُرْزَقُ .

وقوله : { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ . . . } [ الأنعام :14 ] إلى { عظِيمٌ } .

قال المفسرون : المعنى أول من أَسْلَمَ من هذه الأمة ، وبهذه الشَّرِيعَةِ .