الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَإِذَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَٰذِهِۦۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓۗ أَلَآ إِنَّمَا طَـٰٓئِرُهُمۡ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (131)

قوله عزَّ وجلَّ : { فَإِذَا جَاءتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ . . . } [ الأعراف :131 ] .

كان القَصْدُ في إِصابتهم بِالقَحْط والنقْصِ في الثمراتِ أن ينيبوا ويرجعوا ، فإذا هم قد ضَلُّوا ، وجعلوها تشاؤماً بموسى ، فكانوا إِذَا اتفق لهم اتفاق حسنٌ في غَلاَّت ونحوها ، قالوا : هذه لنا ، وبسببنا ، وإذا نالهم ضُرٌّ ، قالوا : هذا بسبب موسى وشُؤْمِهِ ، قاله مجاهد وغيره ، وقرأ الجمهور { يَطَّيَّرُوا } بالياء وشدِّ الطاء والياءِ الأخيرة ، وقرأ طلحةُ بنُ مُصَرِّفٍ وغيره : { تَطِيرُوا } بالتاء وتخفيف الطاء ، وقرأ مجاهدٌ : ( تَشَاءَمُوا بمُوسَى ) بالتاء من فوق وبلفظ الشؤم .

وقوله سبحانه : { أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ الله } معناه : حظُّهم ونصيبهم ، قاله ابن عباس ، وهو مأخوذ من زَجْر الطَّيْرِ ، فسُمِّيَ ما عند اللَّه من القدر للإِنسان طائراً ، لما كان الإِنسان يعتقدُ أنَّ كل ما يصيبه إِنما هو بحَسَب ما يراه في الطَّائِرِ ، فهي لفظةٌ مستعارةٌ .