الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمَنُوا إِن تَتَّقُوا الله . . . } [ الأنفال : 29 ] .

وعْدٌ للمؤمنين بشرط التقوى والطاعةِ للَّه سبحانَهُ ، و{ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } معناه : فرْقاً بين حقِّكم ، وباطل مَنْ ينازعكم ؛ بالنصْر والتأييد ، وعبَّر قتادة ، وبعضُ المفسِّرين عن «الفُرْقَان » ههنا بالنجاةِ ، وقال مجاهدٌ والسُّدِّيُّ : " معناه مَخْرَجاً " ، ونحو هذا مما يعمه ما ذكَرْناه ، وقد يوجَدُ للعرب استعمال «الفرقان » ، كما ذكر المفسِّرون ؛ وعلى ذلك شواهد ؛ منها قول الشاعر : [ الطويل ]

وَكَيْفَ أُرَجِّي الخُلْدَ والمَوْتُ طَالِبِي *** وَمَا ليَ مِنْ كَأْسِ المَنيِّةِ فُرْقَانُ

( ت ) : قال ابن رُشْد : ( وأَحْسَنُ ما قيلَ في هذا المعنى قوله تعالى : { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } ؛ أي : فَصْلاً بين الحق والباطل ؛ حتى يعرفوا ذلك بقلوبهم ، ويهتدوا إِليه . انتهى من «البيان » .