الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبۡلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡهُ بَلَآءً حَسَنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (17)

وقوله سبحانه : { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكن الله قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى } [ الأنفال : 17 ] .

هذه الألفاظ تَرِدُ على من يزعم أن أَفْعَالَ العباد خَلْقٌ لهم ، ومذهب أهل السنة أنها خلق للرب سبحانه كسْبٌ للعبد ؛ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يومئذٍ ثلاث قَبَضَاتٍ من حَصًى وتُرَابٍ ، فرمى بها في وجوه القوم ، فانهزموا عند آخر رمْيَةِ ، ويروى أنه قال يوم بدر : «شَاهَتِ الوُجُوهُ » وهذه الفعلة أيضاً كانت يوم «حُنَيْن » بلا خلاف . و{ لِيُبْلِيَ المؤمنين } أي : ليصيبهم ببلاء حَسَنٍ ، وظاهر وصفه بالحسن يقتضي أنه أراد الغنيمة ، والظفر ، والعزة .

{ إِنَّ الله سَمِيعٌ } لاستغاثتكم ، { عَلِيمٌ } بوجوه الحكمة في جميع أفعاله لا إله إلا هو .