تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ) قال بعض أهل التأويل : إن هذه الآية صلة ما سبق من الأمر بالجهاد ببدر والخروج إليه ؛ كأنه قال : ( إن تتقوا الله ) وأطعتم الله ، وأجبتم له من ما دعاكم إليه ، ( يجعل لكن فرقانا ) أي يجعل خروجكم إليه جهادكم آية عظيمة ، يظهر به المحق من المبطل كقوله تعالى : ( ويريد الله أن يحق الحق بكلماته )[ الأنفال : 7 ] وقوله[ في الأصل وم : وقال ] تعالى ( ليحق الحق ويبطل الباطل )[ الأنفال : 8 ] أي يظهر الحق من الباطل .

وقد كان بحمد الله ذلك ، وبان الحق من الباطل ، والمحق من المبطل . وقيل : قوله تعالى : ( فرقانا ) أي مخرجا في الدين من الشبهات . وقيل : مخرجا من الدنيا والآخرة .

ويحتمل ( فرقانا ) أي بيانا لما ذكرنا : جعل الله تعالى التقوى مشتملا على كل خير وأصلا لكل بر ، وصيره مخرجا من[ في الأصل وم : لمن ] كل ضيق وشدة ، وجعله سبيلا ، ثم يوصل به إلى كل لذة وسرور ، وينال به كل خير وبركة على ما ذكر في غير آية[ في الأصل وم : أي ] من القرآن .

وقوله تعالى : ( ويكفر عنكم سيئاتكم ) التي سبقت ( ويغفرلكم ) أي يستر عليكم ذنوبكم ، لا يطلع أحدا عليها ، وذلك من أعظم النعم . وأصل المغفرة الستر . وقوله تعالى : ( والله ذو الفضل العظيم ) أي عند الله فضل ؛ يعطيكم خيرا مما تطمعون .