فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } جعل سبحانه التقوى شرطا في الجعل المذكور مع سبق علمه بأنهم يتقون جريا على ما يخاطب به الناس بعضهم بعضا ، والتقوى اتقاء مخافلة أوامره والوقوع في مناهيه ، والفرقان ما يفرق به بين الحق والباطل ، والمعنى أنه يجعل لهم من ثبات القلوب وثقوب البصائر وحسن الهداية ما يفرقون به بينهما عند الالتباس ، وقيل الفرقان المخرج من الشبهات والنجاة من كل ما يخافونه ، قاله ابن عباس وعكرمة .

وقال الفراء : المراد بالفرقان الفتح والنصر ، قال ابن اسحاق الفرقان الفصل بين الحق والباطل وبمثله قال ابن زيد ، وقال السدي : الفرقان النجاة ويؤيد تفسير الفرقان بالمخرج والنجاة قوله : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا } . وبه قال مجاهد ومالك بن أنس .

{ ويكفر عنكم سيئاتكم } أي يسترها حتى تكون غير ظاهرة { ويغفر لكم } ما اقترفتم من الذنوب ، وقد قيل إن المراد بالسيئات الصغائر وبالذنونب التي تغفر الكبائر ، وقيل المعنى أنه يغفر لهم ما تقدم من الذنوب وما تأخر { والله ذو الفضل العظم } فهو المتفضل على عباده بتكفير السيئات ومغفرة الذنوب .