الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

{ وَآخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ } [ التوبة : 102 ] .

قال ابْنُ عَبَّاسٍ ، وأبو عُثْمَانَ : هَذِهِ الآيَةُ في الأَعْرَابِ ، وهي عامَّة في الأُمة إلى يَوْمِ القِيَامَةِ . قال أبو عثمان : ما في القرآن آيةٌ أرجى عندي لهذه الأمة منْها . وقال مجاهد : بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أبي لُبَابَةَ الأنصاريِّ خاصَّةً في شأنه مع بني قُرَيْظَةَ لَمَّا أَشَارَ لَهُمْ إلى حَلْقِهِ ، ثُمَّ نَدِمَ وَرَبَطَ نفسه في ساريَةٍ من سَوَارِي المَسْجِد ، وقالتْ فرقة عظيمةٌ : بل نزلَتْ هذه الآيةُ في شَأن المخلَّفين عن غزوة تَبُوك .

( ت ) : وخَرَّجَ «البخاريُّ » بسنده عن سَمُرة بن جنْدُبْ قالَ : قال رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : ( أَتَاني اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، فابتعثاني فانتهينا إلى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنٍ ذَهَبٍ ولَبِنٍ فِضَّةٍ ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَن مَا أَنْتَ رَاءٍ . وَشَطْرٌ كَأَقْبَح مَا أَنْتَ رَاءٍ ، قَالاَ لَهُمْ : اذهبوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ ، فَوَقَعُوا فِيهِ ، ثُم رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، فَصَارُوا في أَحْسَن صُورَةٍ ، قَالاَ لِي : هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالاَ : أَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ ) انتهى .