فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ} (1)

مقدمة السورة:

( 105 ) سورة الفيل مكية

وآياتها خمس

كلماتها : 23 ؛ حروفها : 96

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ( 1 ) ألم يجعل كيدهم في تضليل ( 2 ) وأرسل عليهم طيرا أبابيل ( 3 ) ترميهم بحجارة من سجيل ( 4 ) فجعلهم كعصف مأكول( 5 ) }

ألم تنظر ببصيرتك كيف صنع الله ولي المتقين{[13354]} ، القوي المتين ، بأهل الصليب العادين ، الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورءاء الناس ، يتقدم جيشهم فيل ، يريدون هدم البلد الأمين ، والبيت العتيق ؟ !

قال النحويون : قوله { كيف } مفعول { فعل } ؛ لأن الاستفهام يقتضي صدر الكلام ، فيقدم على فعله بالضرورة ، وهو مفعول مطلق ؛ والمعنى : فعل أي فعل ، يعني : فعلا ذا عبرة لأولي الأبصار : اه .

ومما نقل عن أبي حيان : يراعى صدارته ! إبقاء لحكم أصله ، وتعليق الرؤية بكيفية فعله- تعالى شأنه- لا بنفسه ، بأن يقال : ألم تر ما فعل ربك الخ لتهويل الحادثة ، والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة ، وهيئة عجيبة ، دالة على عظم قدرة الله تعالى ، وكمال علمه وحكمته . . . وشرف رسول صلى الله تعالى عليه وسلم ، فإن ذلك- كما قال غير واحد- من الإرهاصات ، لما روي أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال إبراهيم بن المنذر- شيخ البخاري- : لا يشك في ذلك أحد من العلماء ، وعليه الإجماع . . اه .

وروى غير واحد من أصحاب السير أن النجاشي ملك الحبشة كان قد استحوذ على أرض اليمن ؛ واستعمل عليها عاملا ، فغلب عليه أبرهة ، وأرسل إلى النجاشي يترقق له ويصانعه ، فرضي عنه وأقره على عمله ؛ ثم إنه بعث إليه يقول : سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن مثلها قبلها ؛ فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء ، وعزم أبرهة على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة ؛ وذكر مقاتل بن سليمان أن فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها نارا فاحترقت ، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة وليخربنه حجرا حجرا ، وتأهب لذلك وسار في جيش كثيف ، واستصحب معه فيلا- وروى : أكثر- ومضى أصحاب الفيل حتى وصلوا إلى وادي محسر [ وسنورد موجزا لبقية القصة إن شاء الله بعد تفسير الآيات ] .


[13354]:- مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن: وفي قوله {ربك} إشارة إلى أني ربيتك، وحفظت البيت لشرف قومك- وهم كفرة- فكيف أترك تربيتك بعد ظهورك وإسلام أكثر قومك؟!