فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَتِ ٱللَّهِ هُمۡ يَكۡفُرُونَ} (72)

{ مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، من جنسكم . وقيل : هو خلق حواء من ضلع آدم . والحفدة : جمع حافد ، وهو الذي يحفد ، أي : يسرع في الطاعة والخدمة . ومنه قول القانت : " وإليك نسعى ونحفد " وقال :

حَفَدَ الْوَلاَئِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَت *** بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ

واختلف فيهم فقيل : هم الأختان على البنات ، وقيل : أولاد الأولاد ، وقيل : أولاد المرأة من الزوج الأوّل ، وقيل : المعنى : وجعل لكم حفدة ، أي : خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ، ويجوز أن يراد بالحفدة : البنون أنفسهم ؛ كقوله : { سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } [ النحل : 67 ] ، كأنه قيل : وجعل لكم منهنّ أولاداً ، هم بنون ، وهم حافدون ، أي : جامعون بين الأمرين { مّنَ الطيبات } ، يريد بعضها ؛ لأنّ كل الطيبات في الجنة ، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها . { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها . وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به ، كأنه شيء معلوم مستيقن . ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز ، هم كافرون بها منكرون لها ، كما ينكر المحال الذي لا يتصوره العقول . وقيل : الباطل : يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما . ونعمة الله : ما أحل لهم .