ثم قال تعالى : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ ) [ 150 ] .
تقديره : ولعلكم تهتدون اهتداء مثل إرسالنا إليكم رسولاً منكم تالياً عليكم الكتاب ومطهراً لكم من الذنوب ومعلماً لكم ما لم تكونوا تعلمون( {[4807]} ) .
فكل ما بعد " رسول " نعوت( {[4808]} ) له مكررة .
وقال الزجاج : " الكاف متعلقة بما بعدها ، أي : فاذكروني كما أرسلت فيكم رسولاً منكم( {[4809]} ) " ( {[4810]} ) .
وهذا قول مردود لأن الأمر إذا كان له جواب لم يتعلق به ما قبله لاشتغاله بجوابه ؛ تقول : " كما أحسنتُ إليك فأكرمني " . فتكون الكاف من " كما " متعلقة ب " أكرمني " إذ لا جواب له . فإن قلت( {[4811]} ) : " كما أحسنت إليك فأكرمني أكرمك " ، لم تتعلق الكاف من " كما " ب " أكرمني " بأن( {[4812]} ) له جواباً ، ولكن تتعلق بشيء آخر أو( {[4813]} ) بمضمر . فكذلك قوله : ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )/ هو أمر له جواب ، فلا [ تتعلق " كما " به ولا ]( {[4814]} ) يجوز ذلك إلا على( {[4815]} ) التشبيه بالشرط الذي يجاوب بجوابين ، نحو قولك : " إذا أتاك فلان فأته( {[4816]} ) ترضه " ، فتكون " كما " و " أذكركم " جوابين [ للأمر . والأول أفصح( {[4817]} ) ] وأشهر( {[4818]} ) .
وقيل : هي متعلقة بقوله : ( وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) أي : " ولأتم( {[4819]} ) نعمتي عليكم إتماماً كما أرسلنا " ( {[4820]} ) .
وقيل : الكاف في موضع/ نصب على الحال ، أي : ولأتم نعمتي عليكم في هذه الحال( {[4821]} ) .
وقيل : المعنى : ولأتم نعمتي عليكم بإتمام شرائع دين الحنيفية ملة إبراهيم كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم تالياً عليكم آياتي ، ومطهراً لكم ومعلماً لكم الكتاب والحكمة وما لم تكونوا تعلمون . وكل ذلك بدعاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم [ في قوله ]( {[4822]} ) : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً( {[4823]} ) لَّكَ ) وقوله : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ( {[4824]} ) يَتْلُو عَلَيْهِمُ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ/وَيُزَكِّيهِمُ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) [ 127-128 ] .
فدل هذا المعنى على أن الكاف متعلقة بقوله : ( وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ ) فتلخيص( {[4825]} ) المعنى : ولأتم نعمتي عليكم ببيان ملة أبيكم إبراهيم كما أجبنا دعوته فيكم ، فأرسلنا إليكم رسولاً منكم( {[4826]} ) .
ومعنى( {[4827]} ) " يزكيكم " / يطهركم من دنس الذنوب( {[4828]} ) .
( وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ ) أي : القرآن ، والحكمة والسنن والفقه في الدين . ( وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) [ 150 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.