فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ} (223)

{ أنبئكم } أخبركم .

{ الشياطين } جمع شيطان وهو الواحد من الجن .

{ أفاك } كثير الإفك ، وهو الكذب .

{ أثيم } مبالغ في الإثم والذنب .

{ يلقون السمع } يصغون أشد الإصغاء إلى الشياطين ليتلقوا منهم .

{ هل أنبئكم على من تنزل الشياطين221 تنزل على كل أفاك أثيم 222 يلقون السمع وأكثرهم كاذبون223 والشعراء يتبعهم الغاوون 224 ألم تر أنهم في كل واد يهيمون225 وأنهم يقولون ما لا يفعلون226 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون227 }

{ وانتصروا من بعد ما ظلموا } جاهدوا بقولهم وألسنتهم أهل البغي المعتدين .

{ منقلب ينقلبون } مصير يصيرون ، أو مرجع يرجعون .

بدأت هذه الآيات الكريمة بتقرير وتوكيد أن القرآن الكريم هو كلام الله العظيم( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون . ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون . تنزيل من رب العالمين ){[2813]} ، وإنما تتنزل الشياطين على الكهنة الكذابين ، والمجرمين المزورين ، يتلقفون من الجن ، ويصغون إليهم أشد الإصغاء ليسمعوا منهم الكلمة فضيفون إليها مائة كلمة ، يزعمون ويدعون بذلك معرفة الغيب ، ويحترفون الكهانة{[2814]} .

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : سأل أناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال : " إنهم ليسوا بشيء " فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانا بالشيء يكون حقا ، قال : " تلك الكلمة من الحق- وفي رواية " من الجن " بدلا من الحق- يحفظها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة " .


[2813]:سورة الحاقة. الآيات:41، 42، 43..
[2814]:أورد صاحب روح المعاني عند تفسير هذه الآية بحثا طويلا في الكهانة، يزيد على ألفي كلمة في ست صفحات، من ص 139 إلى ص 145. جـ 19.