فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مُخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَۗ إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰٓؤُاْۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28)

{ ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك } بعد أن ساق القرآن البرهان بنعمة النبات وثمراته ، وبهائه وسقياه ، ثم بنعمة الجبال وبديع صنع صخرها وجدواه ، بين لنا برهانا عقليا على إتقان صنع ربنا للإنسان والحيوان ، واختلاف أنواع كل وأجناسه ، وعظمة الصنع دليل على عظمة الصانع جل علاه ، قال أبو بكر بن عياض : إنما ذكر الكناية لأجل أنها مردودة إلى [ ما ] مضمرة ، مجازه : ومن الناس ومن الدواب ومن الأنعام ما هو مختلف ألوانه ، أي أبيض وأحمر وأسود اه

{ كذلك } في محل نصب صفة لمصدر { مختلف } المؤكد ، والتقدير : مختلف اختلافا كائنا كذلك ، أي كاختلاف الثمرات والجبال ، فهو من تمام الكلام قبله ، والوقف عليه حسن بإجماع أهل الأداء-{[3833]} .

{ إنما يخشى الله من عباده العلماء } هيبة الله العلي الأعلى وخوف غضبه ونقمته تكون على أكمل وجوهها في الذين يعبدون ربهم على علم بجلاله ، وفضله وكماله . -وتقديم المفعول لأن المقصود بيان الخاشين ، والإخبار بأنهم العلماء خاصة دون غيرهم . . .

{ إن الله عزيز غفور } تعليل لوجوب الخشية ، لأن العزة دالة على كمال القدرة على الانتقام ، ولا يوصف بالمغفرة والرحمة إلا القادر على العقوبة-{[3834]} فالعزة توجب الخوف من أليم عقابه ، والمغفرة توجب الطمع في نعيمه وثوابه .


[3833]:ما بين العارضتين من روح المعاني.
[3834]:ما بين العارضتين من روح المعاني.