فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَآ أَن لَّوۡ نَشَآءُ أَصَبۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

إذا قرئ : «أو لم يهد » بالياء كان { أَن لَّوْ نَشَاء } مرفوعاً بأنه فاعله بمعنى : أو لم يهد للذين يخلفون ، من خلا قبلهم في ديارهم ويرثون أرضهم هذا الشأن ، وهو أنّا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ، كما أصبنا من قبلهم ، وأهلكنا الوارثين كما أهلكنا المورّثين . وإذا قرئ بالنون ، فهو منصوب كأنه قيل : أو لم يهد الله للوارثين هذا الشأن بمعنى : أو لم نبين لهم أنا { لَّوْ نَشَاء أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ } كما أصبنا من قبلهم . وإنما عدّى فعل الهداية باللام لأنه بمعنى التبيين . فإن قلت بم تعلق قوله تعالى : { وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ } ؟ قلت : فيه أوجه ، أن يكون معطوفاً على ما دلّ عليه معنى { أَوَ لَمْ يَهْدِ } كأنه قيل : يغفلون عن الهداية ، ونطبع على قلوبهم . أو على يرثون الأرض أو يكون منقطعاً بمعنى : ونحن نطبع على قلوبهم . فإن قلت : هل يجوز أن يكون { وَنَطْبَعُ } بمعنى وطبعنا ، كما [ كان ] { لَّوْ نَشَاء } بمعنى : لو شئنا ، ويعطف على أصبناهم ؟ قلت : لا يساعد عليه المعنى ؟ لأن القوم كانوا مطبوعاً على قلوبهم موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها . وهذا التفسير يؤدي إلى خلوهم عن هذه الصفة ، وأن الله تعالى لو شاء لاتصفوا بها .