غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَآ أَن لَّوۡ نَشَآءُ أَصَبۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

94

ثم لما بيّن حال المهلكين مفصلاً ومحلاً ذكر أن الغرض من القصص حصول العبرة للباقين فقال { أولم يهد } من قرأ بالياء ففاعله { أن لو نشاء } والمعنى : أو لم يهد الذين يخلفون أولئك المتقدمين فيرثون أرضهم وديارهم هذا الشأن وهو أنا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم أي بعقابها كما أصبنا من قبلهم . ومن قرأ بالنون فقوله { أن لو نشاء } منصوب والهداية بمعنى التبيين على القراءتين ولهذا عُدّي فعلها باللام ، والمفعول على القراءة الأولى محذوف والتقدير : أولم يكشف لهم الحال والشأن المذكور . وأما قوله { ونطبع على قلوبهم } فإما أن يكون منقطعاً عما قبله بمعنى ونحن نطبع كما مر في الوقوف ، وإما أن يكون متصلاً بما قبله . قال الكشاف : وذلك هو يرثون أو ما دلّ عليه معنى { أولم يهد } كأنه قيل : يغفلون عن الهداية ونطبع . ثم قال : ولا يجوز أن يكون معطوفاً على { أصبناهم } و{ طبعنا } لأن القوم كانوا مطبوعاً على قلوبهم فيجري مجرى تحصيل الحاصل ولقائل أن يقول : لا يلزم من المذكور وهو كونهم مذنبين أن يكونوا مطبوعين ، فاقتراف الذنوب غير الطبع لأن يذنب أوّلاً أو يكفر ثم يستمر على ذلك فيصير مطبوعاً على قلبه . وأيضاً جاز أن يراد لو شئنا لزدنا في طبعهم أو لأدمناه والله سبحانه أعلم بمراده .