بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِ أَهۡلِهَآ أَن لَّوۡ نَشَآءُ أَصَبۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡۚ وَنَطۡبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ} (100)

قوله تعالى :

{ أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض } يعني : أو لم يبيّن . قال القتبي : أصل الهدى الإرشاد كقوله : { عسى رَبّي أَن يَهْدِيَنِي } يعني : يرشدني . ثم يصير الإرشاد لمعان منها إرشاد بيان مثل قوله { أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ } يعني : أو لم يبين لهم . ومنها إرشادٌ بمعنى بالدعاء كقوله : { وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [ الرعد : 7 ] يعني : نبياً يدعوهم وقوله : { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخيرات وَإِقَامَ الصلاة وإيتاء الزكاة وَكَانُواْ لَنَا عابدين } [ الأنبياء : 73 ] أي يدعون الخلق . وقرأ بعضهم { أو لم نهد } بالنون يعني : أو لم نبين لهم الطريق . ومن قرأ بالياء معناه : أو لم يبين الله { للذين يرثون الأرض من بعد أهلها } يعني : ينزلون الأرض { مِن بَعْدِ } هلاك { أَهْلِهَا } . ويقول أو نبيّن لأهل مكة هلاك الأمم الخالية كيف أهلكناهم ولم يقدر مبعودهم على نصرتهم . { أَن لَّوْ نَشَاء أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ } يعني : أهلكناهم بذنوبهم كما أهلكنا من كان قبلهم عند التكذيب .

ثم قال : { وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ } يعني : نختم على قلوبهم بأعمالهم الخبيثة عقوبة لهم { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } الحق ولا يقبلون المواعظ .