{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صراط } ولا تقتدوا بالشيطان في قوله : { لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم } [ الأعراف : 16 ] فتقعدوا بكل صراط أي بكل منهاج من مناهج الدين .
والدليل على أن المراد بالصراط سبيل الحق قوله : { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } ومحل { تُوعَدُونَ } وما عطف عليه : النصب على الحال أي : ولا تقعدوا موعدين وصادّين عن سبيل الله ، وباغيها عوجاً . فإن قلت : صراط الحق واحد ، { وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 153 ] فكيف قيل : بكل صراط ؟ قلت : صراط الحق واحد ، ولكنه يتشعب إلى معارف وحدود وأحكام كثيرة مختلفة ، فكانوا إذا رأوا أحداً يشرع في شيء منها أوعدوه وصدّوه . فإن قلت ؛ إلام يرجع الضمير في { ءَامَنَ بِهِ } ؟ قلت : إلى كل صراط . تقديره : توعدون من آمن به وتصدّون عنه ، فوضع الظاهر الذي هو سبيل الله موضع الضمير ، زيادة في تقبيح أمرهم ، ودلالة على عظم ما يصدّون عنه . وقيل : كانوا يجلسون على الطرق والمراصد فيقولون لمن مر بهم إنَّ شعيباً كذاب فلا يفتنكم عن دينكم كما كان يفعل قريش بمكة . وقيل : كانوا يقطعون الطرق . وقيل : كانوا عَشَّارين { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } وتطلبون لسبيل الله عوجاً ، أي تصفونها للناس بأنها سبيل معوجة غير مستقيمة ، لتصدّوهم عن سلوكها والدخول فيها : أو يكون تهكماً بهم ، وأنهم يطلبون لها ما هو محال ، لأن طريق الحق لا يعوج { واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً } إذ مفعول به غير ظرف . أي : واذكروا على جهة الشكر وقت كونكم قليلاً عددكم { فَكَثَّرَكُمْ } الله ووفر عددكم . قيل : إن مدين بن إبراهيم تزوّج بنت لوط فولدت فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء فكثروا وفشوا . ويجوز إذ كنتم مقلين فقراء فكثركم : فجعلكم مكثرين موسرين . أو كنتم أقلة أذلة فأعزكم بكثرة العدد والعدد { عاقبة المفسدين } آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم ، كقوم نوح وهود وصالح ولوط ، وكانوا قريبي العهد مما أصاب المؤتفكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.