لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَا تَقۡعُدُواْ بِكُلِّ صِرَٰطٖ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبۡغُونَهَا عِوَجٗاۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ وَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (86)

{ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون } يعني أن شعيباً قال لقومه الكفار ولا تقعدوا على كل طريق من الدين والحق تمنعون الناس من الدخول فيه وتهددونهم على ذلك ذلك أنهم كانوا يجلسون على الطرقات ويخوفون من يريد الإيمان بالله وبرسوله شعيب وهو قوله تعالى : { وتصدون عن سبيل الله من آمن به } يعني وتمنعون من يريد الإيمان بالله وتقولون إن شعيباً كذاب وتخوفونه بالقتل . قال ابن عباس : كانوا يجلسون على الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيباً الذي تريدونه كذاب فلا يفتنكم عن دينكم { وتبغونها عوجاً } يعني : وتريدون اعوجاج الطريق عن الحق وعدولها عن القصد . وقيل معناه تلتمسون لها الزيغ والضلالة ولا تستقيمون على طريق الهدى والرشاد { واذكروا إذا كنتم قليلاً فكثركم } يعني : أن شعيباً عليه الصلاة والسلام ذكرهم نعمة الله عليهم . قال الزجاج : يحتمل ذلك ثلاثة أوجه كثر عددكم وكثركم بالغنى بعد الفقر وكثركم بالقوة بعد الضعف ووجه ذلك أنهم إذا كانوا فقراء ضعفاء فهم بمنزلة القليل والمعنى إنه كثركم بعد القلة وأعزكم بعد الذلة فاشكروا نعمة الله تعالى عليكم وآمنوا به { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين } يعني وانظروا نظر اعتبار ما نزل بمن كان قبلكم من الأمم السالفة والقرون الخالية حين عتوا على ربهم وعصوا رسله من العذاب والهلاك وأقرب الأمم إليكم قوم لوط فانظروا كيف أرسل الله تعالى عليهم حجارة من السماء لما عصوه وكذبوا رسله .