النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تَقۡعُدُواْ بِكُلِّ صِرَٰطٖ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِهِۦ وَتَبۡغُونَهَا عِوَجٗاۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ كُنتُمۡ قَلِيلٗا فَكَثَّرَكُمۡۖ وَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ} (86)

قوله عز وجل : { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعَدُونَ } الصراط : الطريق ، قال الشاعر{[1100]} :

شَحَنَّا أَرْضَهُمْ بِالْخَيْلِ حَتَّى *** تَرَكْنَاهُمْ أَذَلَّ مِنَ الصِّرَاطِ{[1101]}

وفي المراد به ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم كانوا يقعدون على الطريق إلى شعيب يؤذون من قصده للإيمان به ويخوفونه بالقتل ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة .

والثاني : أنه نهاهم عن قطع الطريق ، قاله أبو هريرة .

والثالث : أنهم العشّارون نهاهم عن تعشير أموال الناس{[1102]} .

{ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِهِ } ويحتمل وجهين :

أحدهما : تصدون المؤمنين عن طاعة الله وعبادته .

والثاني : تصدون من أراد الإيمان بإغوائه ومخادعته .

{ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً } قال قتادة : يعني تبغون السبيل عوجاً عن الحق .

والفرق بين العوج بالكسر وبالفتح أن العوج بكسر العين ما كان في الدين ، ولا يُرَى ، والعوج بفتح العين ما كان في العود ، وما يرى .

{ وَاذْكُرواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } حكى الزجاج فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : كثر عددكم بعد{[1103]} القلة قال ابن عباس : وذلك أن مدين بن إبراهيم تزوج زينا بنت لوط وولد آل مدين{[1104]} منها .

والثاني : كثركم بالغنى بعد الفقر .

والثالث : كثركم بالقوة بعد الضعف .

وذكر بعض المفسرين وجهاً رابعاً : أنه كثرهم بطول الأعمار بعد قصرها من قبل{[1105]} .


[1100]:هو عامر بن الطفيل.
[1101]:سقط من ق.
[1102]:سقط من ق.
[1103]:سقط من ك.
[1104]:سقط من ق.
[1105]:سقط من ق.