فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلۡعَظِيمِ} (2)

{ النبأ العظيم } الخبر الكبير الهائل .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ عم يتساءلون ( 1 ) عن النبإ العظيم ( 2 ) الذي هم فيه مختلفون ( 3 ) كلا سيعلمون ( 4 ) ثم كلا سيعلمون ( 5 ) ألم نجعل الأرض مهادا ( 6 ) والجبال أوتادا ( 7 ) وخلقناكم أزواجا ( 8 ) وجعلنا نومكم سباتا ( 9 ) وجعلنا الليل لباسا ( 10 ) وجعلنا النهار معاشا ( 11 ) وبنينا فوقكم سبعا شدادا ( 12 ) وجعلنا سراجا وهاجا ( 13 ) وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ( 14 ) لنخرج به حبا ونباتا ( 15 ) وجنات ألفافا ( 16 ) } .

يخدع الناس ويركن الكثير منهم إلى الحياة العاجلة ، ويحسبون أنهم فيما أوتوا سيخلدون ، كالذي آتاه الله تعالى حديقتين من نخيل وأعناب ، وحين أبصر بنعهما وثمرهما قال ما بين كتاب الله الحق : { . . ما أظن أن تبيد هذه أبدا . وما أظن الساعة قائمة . . }{[8896]} ؛ والقوم الذين بعث فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان منهم من يستعبد قيام الموتى من قبورهم ، ومنهم من يشك في إمكان حصول ذلك ؛ وقد أخبر القرآن عن طائفة منهم في آية كريمة : { وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين }{[8897]} ، يقولون مرة : تكون ؛ ويقولون مرة : لا تكون ، فهم في ريبهم يترددون ؛ ومنهم من يسأل عنها سؤال المستعجل المستهزئ كما حكى القرآن عنهم : { . . أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون } . {[8898]} { . . وقال الكافرون هذا شيء عجيب . أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد }{[8899]} ومن قبلهم قال ملأ من الكفار لقومهم- ليردوهم عن الإيمان بلقاء ربهم- : { أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون . هيهات هيهات لما توعدون . إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين }{[8900]} ، فأنكر الله تعالى على هؤلاء المتمارين في الحق المرتابين في البعث ، فكأنه استفهام إنكاري ، عن أي شيء يتساءلون ؟ يسألون النبي والمؤمنين ، أو يسأل بعضهم بعضا- عن الخبر الكبير الخطير ، وعن يوم الفزع والهول العسير يتساءلون ، وحول مجيئه يختلفون ؟ ويخالفون عن اليقين ولا يصدقون ؟ يقول اللغويون : حرف الجر إذا دخل على ما الاستفهامية تحذف ألفها ، نحو : بم ، ولم ؟ ؛ وتقديم الضمير وبناء الكلام عليه- في قوله تعالى : { الذي هم فيه . . . } لتقوي الكلام لا للاختصاص ، فإن غير قريش أيضا مختلفون .

[ وقيل : { النبأ العظيم } القرآن . . . وقالت الشيعة : هو علي ؛ قال القائل في حقه : هو النبأ العظيم وفلك نوح ، وباب الله . . . ]{[8901]} . مما يقول أهل اللغة : و[ ما ] وإن اشتهرت في طلب حقائق الأشياء ومسميات أسمائها ، لكنها قد يطلب بها الصفة والحال ، فيقال : ما زيد ؟ ويجاب بعالم أو طبيب . اه .

/خ16


[8896]:- سورة الكهف. من الآية 35 ومن الآية 36.
[8897]:- سورة الجاثية. الآية 32.
[8898]:- سورة الواقعة. من الآية 47.
[8899]:- سورة ق. من الآية 2 والآية 3.
[8900]:- سورة المؤمنون. الآيات: 35، 36، 37.
[8901]:- ما بين العارضتين أورده الحسن بن محمد بن حسين القمي، صاحب تفسير غرائب الفرقان ورغائب الفرقان؛ ص 4، 5 جـ 30 هامش الطبري.