فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡلَمُونَ} (6)

{ أَحَدٌ } مرتفع بفعل الشرط مضمراً يفسره الظاهر ، تقديره : وإن استجارك أحد استجارك ولا يرتفع بالابتداء ، لأنّ «إن » من عوامل الفعل لا تدخل على غيره . والمعنى : وإن جاءك أحد من المشركين بعد انقضاء الأشهر لا عهد بينك وبينه ولا ميثاق ، فاستأمنك ليسمع ما تدعو إليه من التوحيد والقرآن ، وتبين ما بعثت له فأمّنه { حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } ويتدبره ويطلع على حقيقة الأمر { ثُمَّ أَبْلِغْهُ } بعد ذلك داره التي يأمن فيها إن لم يسلم . ثم قاتله إن شئت من غير غدر ولا خيانة ، وهذا الحكم ثابت في كل وقت . وعن الحسن رضي الله عنه : هي محكمة إلى يوم القيامة . وعن سعيد بن جبير : جاء رجل من المشركين إلى عليّ رضي الله عنه فقال : إن أراد الرجل منا أن يأتي محمداً بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلام الله ، أو يأتيه لحاجة قتل ؟ قال : لا ، لأنّ الله تعالى يقول : { وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك } الآية . وعن السُدّي والضحاك رضي الله عنهما : هي منسوخة بقوله تعالى : { فاقتلوا المشركين } [ التوبة : 5 ] . { ذلك } أي ذلك الأمر ، يعني الأمر بالإجارة في قوله : { فَأَجِرْهُ } . { ب } سبب { أَنَّهُمْ } قوم جهلة { لاَّ يَعْلَمُونَ } ما الإسلام وما حقيقة ما تدعو إليه ، فلا بدّ من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا ويفهموا الحق .