الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡلَمُونَ} (6)

{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ } معناه وإن استجارك أحد ، لأن حروف الجر لاتلي غير الفعل يقول الشاعر :

عاود هراة وإن معمورها خربا

أي وإن غرب معمورها . وقال آخر :

أتجزع إن نفس أتاها حمامها *** فهلاّ التي عن بين جنبيك تدفع

ومعنى الآية : وإن أحد من المشركين الذين أمرتك بقتالهم وقبلهم استجارك أي استعاذ بك واستأمنك بعد انسلاخ الأشهر الحرم ليسمع كلام الله { فَأَجِرْهُ } فأعذه وأمنه { حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ } فتقيم عليه حجة الله ، وتبين له دين الله عز وجل ، فإن أسلم فقد نال عز الإسلام وخير الدنيا والآخرة وصار رجلاً من المسلمين ، وإن أبى أن يسلم { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } دار قومه فإن قاتلك بعد ذلك فقدرت عليه فاقتله { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } دين الله وتوحيده .

قال الحسن : وهذه الآية محكمة إلى يوم القيامة وليست بمنسوخة . قال سعيد بن جبير : جاء رجل من المشركين إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : إن أراد الرجل منا أن يأتي محمداً بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلامه أو يأتيه لحاجته ، فقال علي لا لأن الله عز وجل يقول : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ } الآية .