ولم يكافئه أحد ، أي : لم يماثله ولم يشاكله . ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح ، نفياً للصاحبة : سألوه أن يصفه لهم ، فأوحى إليه ما يحتوى على صفاته ، فقوله : { هُوَ الله } إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها ، وفي طيّ ذلك وصفه بأنه قادر عالم ؛ لأنّ الخلق يستدعي القدرة والعلم ، لكونه واقعاً على غاية إحكام واتساق وانتظام . وفي ذلك وصفه بأنه حيّ سميع بصير . وقوله : { أَحَدٌ } وصف بالوحدانية ونفي الشركاء . وقوله : { الصمد } وصف بأنه ليس إلاّ محتاجاً إليه ، وإذا لم يكن إلاّ محتاجاً إليه : فهو غني . وفي كونه غنياً مع كونه عالماً : أنه عدل غير فاعل للقبائح ، لعلمه بقبح القبيح ، وعلمه بغناه عنه . وقوله : { لَمْ يُولَدْ } وصف بالقدم والأوّلية .
وقوله : { لَمْ يَلِدْ } نفي للشبه والمجانسة . وقوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } تقرير لذلك ، وبت للحكم به ،
فإن قلت : الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم ، وقد نصّ سيبويه على ذلك في كتابه ، فما باله مقدّماً في أفصح كلام وأعربه ؟ قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه ؛ وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان لذلك أهم شيء وأعناه ، وأحقه بالتقدم وأحراه . وقرىء : «كفؤاً » بضم الكاف والفاء ، وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء .
فإن قلت : لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر منها ، وتقارب طرفيها ؟ قلت : لأمر ما يسود من يسود ، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده ، وكفى دليلاً من اعتراف بفضلها وصدق بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها : إنّ علم التوحيد من الله تعالى بمكان ، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم : يشرف بشرفه ، ويتضع بضعته ؛ ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ، فما ظنك بشرف منزلته ، وجلالة محله ، وإنافته على كل علم ، واستيلائه على قصب السبق دونه ؛ ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه ، وقلة تعظيمه له ، وخلوه من خشيته ، وبعده من النظر لعاقبته . اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك ، العاملين لك ، القائلين بعدلك وتوحيدك ، الخائفين من وعيدك . وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين ، وروى أبيّ وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أسست السموات السبع والأرضون السبع على { قل هو الله أحد } " ، يعني ما خلقت إلاّ لتكون دلائل على توحيد الله ، ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.