الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

{ مِنَ الجنة والناس } بيان للذي يوسوس ، على أن الشيطان ضربان : جنى وإنسي ، كما قال { شياطين الإنس والجن } .

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس ؟

ويجوز أن يكون ( من ) متعلقاً ب( يوسوس ) ، ومعناه : ابتداء الغاية ، أي : يوسوس في صدروهم من جهة الجنّ ومن جهة الناس ، وقيل : من الجنّة والناس بيان للناس ، وأن اسم الناس ينطلق على الجنة ، واستدلّوا ( بنفر ) و ( رجال ) في سورة الجن . وما أحقه ؛ لأن الجن سموا «جنا » لاجتنانهم ، والناس «ناساً » لظهورهم ، من الإيناس وهو الإبصار ، كما سموا بشراً ؛ ولو كان يقع على الناس على القبيلين ، وصحّ ذلك وثبت : لم يكن مناسباً لفصاحة القرآن وبعده من التصنع . وأجود منه أن يراد بالناس : الناسي ، كقوله : { يَوْمَ يَدْعُ الداع } [ القمر : 6 ] كما قرىء : { مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس } [ البقرة : 199 ] ، ثم يبين بالجنة والناس ؛ لأنّ الثقلين هما النوعان الموصوفان بنسيان حق الله عزّ وجلّ .

ختام السورة:

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أنزلت عليّ سورتان ما أنزل مثلهما ، وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما " ، يعني : المعوذتين . ويقال للمعوذتين : المقشقشتان .