الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (97)

قوله تعالى : { مِّن ذَكَرٍ } : " مِنْ " ، للبيان فتتعلقُ بمحذوفٍ ، أي : أَعْنِي مِنْ ذَكَر . ويجوزُ أن يكونَ حالاً مِنْ فاعل " عَمِل " .

قوله : { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، جملةٌ حاليةٌ أيضاً .

قوله : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ } ، راعى معنى : " مَنْ " ، فَجَمع الضميرَ بعد أن راعَى لفظَهَا ، فَأَفْرَدَ في " فَلَنُحْيِيَنَّهُ " ، وما قبله ، وقرأ العامَّةُ : " وَلَجْزِيَنَّهم " ، بنونِ العظمةِ ؛ مراعاةً لِما قبله . وقرأ ابنُ عامر في روايةٍ بياء الغيبة ، وهذا ينبغي أن يكونَ على إضمارِ قَسَمٍ ثانٍ ، فيكونَ من عطفِ جملةٍ قَسَميةٍ على قَسَمِيةٍ مثلِها ، حُذفتا وبقي جواباها .

ولا جائزٌ أن يكونَ مِنْ عطفِ جوابٍ على جواب ؛ لإِفضائِه إلى أخبارِ المتكلم عن نفسِه بإخبار الغائب ، وهو لا يجوزُ . لو قلت : " زيد قال : واللهِ لأَضْرِبَنَّ هنداً ولَينفينَّها " تريد : ولَينفينَّها زيدٌ ، لم يَجُزْ . فإن أَضْمَرْت قسماً آخرَ جاز ، أي : وقال : واللهِ لينفينَّها ؛ لأنَّ لك في مثلِ هذا التركيبِ أن تحكيَ لفظه ، ومنه : { وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى } [ التوبة : 107 ] ، وأن تحكيَ معناه ، ومنه : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ } [ التوبة : 74 ] ، ولو جاء على اللفظ لقيل : ما قلنا .