ثم إنه تعالى رغب المؤمنين في الإيمان بكل ما كان من شرائع الإسلام بقوله تعالى : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن } ، إذ لا اعتداد بأعمال الكفار في استحقاق الثواب ، وإنما المتوقع عليها تخفيف العذاب . فإن قيل : من عمل صالحاً يفيد العموم فما فائدة من ذكر أو أنثى ؟ أجيب : بأنه ذكر دفعاً للتخصيص بأحد الفريقين . واختلف في قوله تعالى : { فلنحيينه حياة طيبة } ، فقال سعيد بن جبير وعطاء : هي الرزق الحلال . وقال مقاتل : هي العيش في الطاعة . وقال الحسن : هي القناعة ؛ لأنّ عيش المؤمن في الدنيا وإن كان فقيراً ، أطيب من عيش الكافر وإن كان غنياً ؛ لأنّ المؤمن لما علم أنّ رزقه من عند الله تعالى وذلك بتقديره وتدبيره تعالى . وعرف أنّ الله تعالى محسن كريم حكيم ، يضع الأشياء في محلها ، فكان المؤمن راضياً بقضاء الله وبما قدّره له ورزقه إياه ، وعرف أنّ مصلحته في ذلك القدر الذي رزقه ، فاستراحت نفسه من الكدر والحرص فطاب عيشه بذلك ، وأمّا الكافر والجاهل بهذه الأصول فدائم الحرص على طلب الرزق ، فيكون أبداً في حزن وتعب وعناء وحرص في الدنيا ، ولا يناله من الرزق إلا ما قدّر له ، فظهر بهذا أن عيش المؤمن القنوع أطيب من غيره . وقال السدّي : الحياة الطيبة إنما تحصل في القبر ؛ لأنّ المؤمن يستريح بالموت من كدّ الدنيا وتعبها . وقال مجاهد وقتادة : هي الجنة لأنها حياة بلا موت ، وغنى بلا فقر ، وصحة بلا سقم ، وملك بلا هلك ، وسعادة بلا شقاوة . فأثبت بهذا أنّ الحياة الطيبة لا تكون إلا في الجنة ، ولا مانع من أنّ المؤمن الكامل يحصل جميع ذلك ثم إنّ الله تعالى ختم الآية بقوله تعالى : { ولنجزينهم أجرهم } ، أي : في الدنيا والآخرة . { بأحسن ما كانوا يعملون } ، أي : من الطاعة وقد سبق تفسيره . ولما قال تعالى : { ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.