الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} (32)

تعظيم الشعائر - وهي الهدايا ، لأنها من معالم الحجّ - : أن يختارها عظام الأجرام حساناً سماتاً غالية الأثمان ، ويترك المكاس في شرائها ، فقدكانوا يغالون في ثلاث - ويكرهون المكاس فيهنّ - : الهدي ، والأضحية ، والرقبة . وروى ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما : أنه أهدى نجيبة طلبت منه بثلثمائة دينار ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بدناً ، فنهاهُ عنْ ذَلك وقالَ : « بلْ أَهدِها » وأهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة ، فيها جمل لأبي جهل في أنفه برّة من ذهب . وكان ابن عمر يسوق البدن مجللة بالقباطي فيتصدّق بلحومها وبجلالها ، ويعتقد أن طاعة الله في التقرّب بها وإهدائها إلى بيته المعظم أمر عظيم لا بدّ أن يقام به ويسارع فيه { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القلوب } أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ، فحدفت هذه المضافات ، ولا يستقيم المعنى إلاّ بتقديرها ، لأنه لا بد من راجع من الجزاء إلى { مِن } ليرتبط به ، وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر أثرها في سائر الأعضاء .