إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} (32)

{ ذلك } أي الأمرُ ذلكَ أو امتثلُوا ذلك { وَمَن يُعَظّمْ شعائر الله } أي الهَدَايا فإنَّها من معالم الحجِّ وشعائرِه تعالى كما يُنبئ عنه . { والبدن جعلناها لَكُمْ مّن شعائر الله } وهو الأوفقُ لما بعده . وتعظيمُها اعتقادُ أنَّ التَّقربَ بها من أجلِّ القُرباتِ وأنْ يختارَها حِساناً سِماناً غاليةَ الأثمانِ . رُوي أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أهدى مائةَ بَدَنةٍ ، فيها جملٌ لأبي جهلٍ في أنفه بُرَةٌ من ذهبٍ ، وأنَّ عمرَ رضي الله عنه أهدى نَجيبةً{[552]} طُلبتْ منه بثلاثمائةِ دينارٍ { فَإِنَّهَا } أي فإنَّ تعظيمَها { مِن تَقْوَى القلوب } أي من أفعال ذَوي تقوى القلوبِ فحُذفتْ هذه المضافاتُ والعائدُ إلى مَن . أو فإنَّ تعظيمَها ناشئ من تقوى القلوب . وتخصيصُها بالإضافة لأنَّها مراكزُ التَّقوى التي إذا ثبتتْ فيها وتمكَّنتْ ظهر أثرُها في سائر الأعضاءِ .


[552]:النجيبة: من الإبل القوي منها، الخفيف السريع.