الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَـٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} (32)

قوله : { ذلِكَ } : إعرابُه كإعرابِ " ذلك " المتقدمِ وتقدَّم تفسيرُ " الشَّعيرة " واشتقاقُها في المائدة .

قوله : { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } في هذا الضميرِ وجهان ، أحدُهما : أنه ضميرُ الشعائرِ ، على حَذْفِ مضافٍ . أي : فإن تعظيمَها مِنْ تقوى القلوبِ . والثاني : أنه ضميرُ المصدرِ المفهومِ من الفعل قبلَه أي : فإنَّ التعظيمةَ مِنْ تقوى القلوب . والعائدُ على اسمِ الشرط من هذه الجملةِ الجزائيةِ مقدرٌ ، تقديرُه : فإنها مِنْ تَقَوى القلوب منهم . ومَنْ جوَّز إقامةَ أل مُقام الضميرِ وهم الكوفيون أجاز ذلِك هنا ، والتقدير : مِنْ تقوى قلوبِهم ، كقوله :

{ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }

[ النازعات : 41 ] وقد تقدَّم تقريرُه . وقال الزمخشري : أي فإنَّ تعظيمَها من أفعالِ ذوي تقوى القلوبِ فحُذِفَتْ هذه المضافاتُ ، ولا يَسْتقيمُ المعنى إلاَّ بتقديرِها ؛ لأنه لا بُدَّ من راجعٍ من الجزاء إلى " مَنْ " لتَرْتَبِط به " قال الشيخ : " وما قَدَّره عارٍ من راجعٍ من الضميرِ من الجزاء إلى " مَنْ " . ألا ترى أنَّ قولَه " فإنَّ تعظيمَها من أفعال ذوي تقوى القلوب " ليس في شيءٍ منه ضميرٌ يَرْجِعُ من الجزاء إلى " مَنْ " يربطه به . وإصلاحُه أن يقولَ : فإنَّ تعظيمَها منه ، فالضميرُ في " منه " عائدٌ على " مَنْ " .