فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} (100)

{ لَعَلّي أَعْمَلُ صالحا } أي : أعمل عملاً صالحاً في الدنيا إذا رجعت إليها من الإيمان وما يتبعه من أعمال الخير ، ولما تمنى أن يرجع ليعمل ردّ الله عليه ذلك بقوله : { كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } فجاء بكلمة الردع والزجر ، والضمير في : { إنها } يرجع إلى قوله : { رَبّ ارجعون } أي إن هذه الكلمة هو قائلها لا محالة ، وليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا ، أو المعنى : أنه لو أجيب إلى ذلك لما حصل منه الوفاء ، كما في قوله : { وَلَوْ رُدُّوا لعادوا لِمَا [ نُهُوا ] عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . وقيل : إن الضمير في : { قائلها } يرجع إلى الله ، أي لا خلف في خبره ، وقد أخبرنا بأنه لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها { وَمِن وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ } أي من أمامهم وبين أيديهم . والبرزخ هو : الحاجز بين الشيئين . قاله الجوهري .

واختلف في معنى الآية ، فقال الضحاك ومجاهد وابن زيد : حاجز بين الموت والبعث . وقال الكلبي : هو الأجل ما بين النفختين ، وبينهما أربعون سنة . وقال السديّ : هو الأجل ، و{ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } هو يوم القيامة .

/خ118